منتدى ابـــــــــــــــــــــن البواح الثقافـــــــــــــــــــــــــي
ابتسم وعيش الفرحة
مرحبا اخي الزائر في منتدى حسن علي اصلع بواح حللت اهلا ووطئت سهلا نرجو منك التسجيل في منتدانا او الدخول اذا كنت مسجلا من قبل نتمنى لكم اقامة عامرة
المدير التنفيدي / حسن علي اصلع بواح
منتدى ابـــــــــــــــــــــن البواح الثقافـــــــــــــــــــــــــي
ابتسم وعيش الفرحة
مرحبا اخي الزائر في منتدى حسن علي اصلع بواح حللت اهلا ووطئت سهلا نرجو منك التسجيل في منتدانا او الدخول اذا كنت مسجلا من قبل نتمنى لكم اقامة عامرة
المدير التنفيدي / حسن علي اصلع بواح
منتدى ابـــــــــــــــــــــن البواح الثقافـــــــــــــــــــــــــي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى ابـــــــــــــــــــــن البواح الثقافـــــــــــــــــــــــــي

سياسي - ثقافي - اجتماعي - ادبي
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 البلاغة الواضحة الجزءالرابع

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
حسن علي اصلع بواح
المدير العام
المدير العام
حسن علي اصلع بواح


عدد المساهمات : 616
نقاط : 31195
المستوى والانجاز : 3
تاريخ التسجيل : 09/02/2011
العمر : 34
الموقع : جده السعودية

البلاغة الواضحة الجزءالرابع Empty
مُساهمةموضوع: البلاغة الواضحة الجزءالرابع   البلاغة الواضحة الجزءالرابع Icon_minitime1الأربعاء 3 أغسطس 2011 - 12:18

الاستعارُة التمثيليَّةُ
الأَمثلةُ:
(1) عادَ السَّيْفُ إلى قِرَابهِ، وَحلَّ اللَّيْثُ منيعَ غابه.(المجاهدُ عاد إِلى وطنه بعد سفر)
(2) قال المتنبي :
وَمَنْ يَكُ ذا فَمٍ مُرٍّ مَريضٍ يَجِدْ مُرًّا بهِ الْمَاءَ الزُّلالا
(لمن لم يرزقِ الذَّوْق لفِهْم الشعر الرائعِ)
(3) قَطَعَتْ جَهيزَةُ قَوْلَ كلِّ خَطيبِ .
(لمن يأْتي بالقول الفَصْلِ)
البحثُ:
حينما عاد الرجلُ العامل إِلى وطنه لم يَعُدْ سيفٌ حقيقيٌّ إِلى قرابه، ولم يَنزِل أَسَدٌ حقيقيٌّ إِلى عرِينه، وإِذًا كلُّ تركيب من هذين لم يستعمل في حقيقته، فيكون استعماله في عوْدة الرجل العامل إِلى بلده مجازًا والقرينةُ حالِيَّةُ، فما العلاقة بين الحالين يا ترى، حالِ رجوع الغريبِ إلى وطنه، وحال رجوع السيف إِلى قِرَابه؟ العلاقةُ المشابهةُ؛ فإِنَّ حال الرجل الذي نزل عن الأَوطان عاملا مجِدًّا ماضياً في الأُمور ثم رجوعَه إِلى وطنه بعد طول الكدِّ، تشْبهُ حال السيف الذي استُلَّ للحرب والجِلاد حتَّى إِذا ظفِر بالنصر عاد إِلى غِمْده. ومثل ذلك يقال في: "وحلَّ الليثُ مَنِيع غابهِ".
وبيتُ المتنبي يدلُّ وضْعه الحقيقيُّ على أَنَّ المريض الذي يصاب بمرارة في فمه إذا شربَ الماءَ العذبَ وجده مُرًّا، ولكنه لم يستعمله في هذا المعنى بل استعمله فيمنْ يَعيبون شِعْرَه لعيْب في ذوقهم الشعريِّ. وضعْف في إدراكهم الأدبيِّ، فهذا التركيبُ مجازٌ قرينتُه حالِيَّةٌ، وعلاقتُه المشابهة، والمشبَّه هنا حال المُولَعين بذمِّه والمشبَّه به حالُ المريض الذي يجد الماءَ الزلال مرًّا.
والمثالُ الثالث مَثلٌ عربيٌ، أَصلُهُ أنَّ قوماً اجتمعوا للتشاور والخطابة في الصلح بين حييْن قَتلَ رجلٌ من أَحدهما رجلاً من الحيِّ الآخر، وإنهم لكذلك إذا بجاريةٍ تُدْعَى جَهيزةَ أَقبلت فأَنبأَتهم أَنَّ أَولياءَ المقتولِ ظَفِرُوا بالقاتل فقتلوهُ، فقال قائل منهم: "قَطَعَتْ جَهيزَةُ قَوْلَ كلِّ خَطِيب"، وهو تركيب يُتَمَثلُ به في كل موطن يؤتَى فيه بالقول الفصل.
فأَنتَ ترى في كل مثال من الأمثلة السابقة أنَّ تركيباً استعمل في غير معناه الحقيقي، وأنَّ العلاقة بين معناه المجازيِّ ومعناه الحقيقيِّ هي المشابهةُ. وكلُّ تركيب من هذا النوع يُسمَّى استعارةً تمثيليةً .
القاعدةُ:
(21) الاستعارةُ التمثيلية تركيبٌ استُعْمِلَ في غير ما وُضِعَ له لِعلاَقَةِ المشابَهةِ مَعَ قَرينَةٍ مَانِعةٍ مِنْ إِرادةِ مَعْناهُ الأَصْليِّ.
نَمُوذَجٌ
(1) منْ أَمثالِ العرب : قبل الرِّماءِ تُمْلأُ الكَنائنُ
(إِذا قُلْتَه لمن يريد بناءَ بيتٍ مثلاً قبلَ أَنْ يتوافر لديه المالُ).
(2) أَنتَ ترقُمُ على الماءِ (إِذا قلتَه لمنْ يلِحُّ في شأْنٍ لا يمكنُ الحصولُ منه على غايةٍ).
الإجابةُ
(1) شُبِّهَتْ حالُ من يريد بناءَ بيت قبل إعداد المال له. بحال من يريد القتال وليسَ في كِنانته سهام، بجامع أَن كلا منهما يتعجلُ الأَمر قبل أَن يُعِدَّ له عُدتهُ، ثم استعير التركيب الدالُّ على حال المشبَّه به للمشبَّه على سبيل الاستعارة التمثيليةِ، والقرينةُ حاليَّةٌ. (2) شُبِّهت حالُ من يُلحُّ في الحصول على أَمر مستحيلٍ، بحال منْ يرقُمُ على الماءِ، بجامعِ أَن كلاًّ منهما يعْملُ عملاً غيْر مُثْمِرٍ، ثم استعير التركيب الدالُّ على المشبَّه به للمشبَّه على سبيل الاستعارة التمثيلية، والقرينةُ حاليَّةٌ.
تمريناتٌ
(1) افرضْ حالاً تجْعَلُها مشبَّهاً لكُلٍّ من التراكيب الآتية، ثم أَجْرِ الاستعارةَ في خمسة تراكيب.

(1) إِنَّك لا تَجْني منَ الشَّوْكِ العنبَ (11) المورِدُ الْعذْبُ كثير الزِّحام.
(2) أَنت تنْفُخُ في رَمَادٍ (12) « اعْقِلْهَا وَتَوَكَّلْ » .
(3) لا تنْثُرِ الدُّرَّ أمامَ الخنازير (13) أَنتَ تحْصُدُ ما زَرَعْتَ.
(4) يبتغي الصَّيْدَ في عِرِّيسَة الأسد (14) أِلْقِ دَلْوَكَ في الدِّلاءِ.
(5) أَخذَ الْقوْسَ باريها (15) يُخَرِّبون بيوتَهم بأَيديهم.
(6) اِستسْمَنْتَ ذا وَرَم. (16) إنَّ الحديد بالحديد يُفلحُ .
(7) أَنتَ تَضربُ في حديدٍ بارد (17) لا بُدَّ للمصدور أَن يَنْفُث
(8) هو يَبني قصوراً بغير أَساس (18) لكلِّ جوادٍ كبْوة
(9) لكل صارم نبْوَة (19) ومَن قصَد البحْرَ استقلَّ السَّواقِيا
(10) لاَ يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ (20) أحَشفاً وسوءَ كِيلة .
(2)بيَّنْ نوع كلِّ استعارةٍ منَ الاستعاراتِ الآتيةِ وأَجرها:
(1) قال المتنبي :
غَاضَ الوَفَاءُ فَما تَلقاهُ في عِدَةٍ وَأعوَزَ الصّدْقُ في الإخْبارِ وَالقَسَمِ
(2) قال البحتري :
إذا ما الجُرْحُ رُمَّ على فَسَادٍ، تَبَيّنَ فيهِ تَفْرِيطُ الطّبيبِ
(3) وقال الشاعر :
متى يَبْلُغُ البَنْيانُ يَوْماً تَمامُهُ Cool إذا كنتَ تَبْنِيهِ وغَيْرُكَ يَهْدِمُ
(4) وقال تعالى: {اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ} (6) سورة الفاتحة.
(5) وقال تعالى: {وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا} (99) سورة الكهف .
(6) وقال البارودي :
ودعْ مِنَ الأمرِ أدناهُ لأبعدهِ..في لُجَّةِ البَحْرِ ما يُغْنِي عَنِ الوَشل !
(7) وقال آخر :
وَمَن مَلك البلادَ بغير حرْبٍ … …يهونُ علَيْهِ تسْلِيمُ البلادِ
(8) وقال أبو الطّمحان القينيِّ :
أَضاءتْ لَهُمْ أَحْسابُهُمْ وَوُجُوهُهُمْ دُجَى اللَّيلِ حتَّى نَظَّمَ الجَزْعَ ثاقِبُهْ
(9) وقال أبو فراس الحمداني :
تَهُونُ عَلَيْنَا في المَعَالي نُفُوسُنَا، و منْ خطبَ الحسناءَ لمْ يغلها المهرُ
(10) وقال المتنبي :
إلَيْكِ فإنّي لَسْتُ ممّنْ إذا اتّقَى عِضاضَ الأفاعي نامَ فوقَ العقارِبِ
(11) أَنتَ كمستبضعِ التمرِ إِلى هَجْر .
(12) وقال المتنبي :
وَتُحْيي لَهُ المَالَ الصّوَارِمُ وَالقَنَا وَيَقْتُلُ ما تحيي التّبَسّمُ وَالجَدَا
(13) وقال يخاطب سيف الدولة :
ألا أيّها السّيفُ الذي لَيسَ مُغمَداً وَلا فيهِ مُرْتابٌ وَلا منْهُ عَاصِمُ
(14) لاَ يضُرُّ السحابَ نُباحُ الكلابِ .
(15) لا يَحمدُ السيفُ كلَّ منْ حَملَه
(16) وقال مَعْن بن أَوس المُزَنِيّ :
وذِي رحِمٍ قَلَّمْتُ أَظْفارَ ضِغْنِهِ Cool بِحِلْمِيَ عَنْهُ، وهُوَ لَيْسَ له حِلْمُ
(17) لا تعْدَمُ الْحسْناءُ ذاَماً
(18) وقال تعالى على لسان السحرة : {وَمَا تَنقِمُ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ } (126) سورة الأعراف.
(3)اجعل التشبيهاتِ الضمنيةَ الآتيةَ استعاراتٍ تمثيليةً بحذف المشبَّه وفْرض حال أخرى مناسبة تجعلها مشبَّهة:
(1) قال المتنبي :
وَلم أرْجُ إلاّ أهْلَ ذاكَ وَمَنْ يُرِدْ مَوَاطِرَ من غَيرِ السّحائِبِ يَظلِمِ
(2) وقال عبد الصمد بن بابك :
فإنْ زَعمَ الأملاكُ أنَّكَ منهُمُ Cool فَخاراً فإنَّ الشمسَ بعضُ الكواكبِ
(3) وقال المتنبي :
خُذْ ما تَراهُ وَدَعْ شَيْئاً سَمِعْتَ بهِ في طَلعَةِ البَدرِ ما يُغنيكَ عن زُحَلِ
(4) وقال المتنبي أيضاً :
لَعَلّ عَتْبَكَ مَحْمُودٌ عَوَاقِبُهُ فرُبّمَا صَحّتِ الأجْسامُ بالعِلَلِ
(5) وقال بعضهم في شريفٍ لا يكادُ يجدُ قوتاً :
أيشْكُو لئيمُ القوم كظًّا وبطْنَةً … …وَيَشْكُو فتى الْفِتْيانَ مسَّ سُغُوبِ
لأمرٍ غَدا ما حَوْل مَكَّة مقفِرًا … …جدِيباً وباقي الأرض غَيْرُ جدِيب
(4)اجعل الاستعاراتِ التمثيليةَ الآتيةَ تشبيهاتٍ ضمنيةٍ بذكر حالٍ مناسبة تجعلُها مشبَّهة قبل كل استعارةٍ:
(1) يمشي رُوَيْدًا ويكُونُ أوَّلاً
(2) رضيتَ من الغنيمة بالإِياب
(3) أَنتَ تضيءُ للناس وتحْتَرقُ.
(4) كَفى بك داءً أن تَرَى المَوتَ شَافِياً .
(5) ليس التَّكحُّلُ في العيْنَين كالكَحَل .
(6) ولا بُدَّ دُون الشَّهْدِ مِنْ إبرِ النَّحْل .
(7) هو ينْفُخُ في غير ضُرَمٍ .
(8) أنتَ تحْدو بلاَ بعيرٍ .
(5)اذكر لكلِّ بيتٍ من الأَبياتِ الآتيةِ حالاً يُستشهدُ فيها بهِ ثم أَجرِ الاستعارةَ وبينْ نوعها:
(1) قال المتنبي :
ومَنْ يَجعَلِ الضِّرْغامَ للصّيْدِ بازَهُ تَصَيّدَهُ الضّرْغامُ فيما تَصَيّدَا
(2) وقال نصر بن سيار :
أرى خَلَل الرّمادِ ومِيضَ نَارٍ … …ويُوشكُ أَنْ يكون لها ضرامُ
(3) قال الحماسي محمد بن بشير :
قَدِّرْ لرِجْلِكَ قبلَ الخَطْوِ مَوْقِعَها Cool فمَنْ عَلا زَلَقاً عنْ غِرَّةٍ زَلِجَا
(4) وقال المتنبي :
وفي تعبٍ منْ يحْسُدُ الشَّمْسَ ضَوءَها …ويِجهدُ أَن يأتي لهَا بِضريب
(5) وقال البوصيري :
قد تنكرُ العينُ ضوءَ الشمسِ منْ رمدٍ ويُنْكِرُ الفَمُّ طَعْمَ الماء منْ سَقَم
(6) وقال المتنبي :
إذا اعتادَ الفَتى خوْضَ المَنايا فأهْوَنُ ما يَمُرّ بهِ الوُحُولُ
(7) وقال أيضاً :
ما الّذِي عِنْدَهُ تُدَارُ المَنايا Cool كالَّذي عِنْدَهُ تُدارُ الشَّمُولُ
(8) قال كُثيّر عَزَّة في الغزل :
هنيئاً مريئاً غيرَ داءٍ مخامرٍ لعزَّة َ منْ أعراضنا ما استحلَّتِ
(9) وقال جرير يهجو الفرزدق :
زعمَ الفرزْدقُ أنْ سيقْتُل مِرْبَعاً … …أبْشرْ بِطول سلامةٍ يا مِرْبعُ
(10) وقال عبد الله بن محمد بن أبى عيينة :
ولا بُدَّ للماءِ في مِرْجَلٍ Cool على النار مُوقَدَةً أَنْ يَفُورا
(11) وقال الشاعر :
إذَا قَالَتْ حَذَامِ فَصَدِّقُوهَا فَإِنَّ الْقَوْلَ مَا قَالَتْ حَذَامِ
(12) وقال الشاعر :
لَقدْ هُزِلتْ حتَّى بدا مِن هُزالِها …كُلاها وحتى سَامها كلُّ مفلِس
(2)(أجب عما يلي ) :
(أ) هاتِ استعارة تمثيليةً تضْربها مثلاً لمن يكْسلُ ويطمعُ في النجاح.
(ب) " " " " " " ينفقُ أَموالَه في عملٍ لا ينتجُ.
(حـ) " " " " " " يكتبُ ثم يمحو ثم يكتب ُثم يمحو.
(د) هات مثلين عربيين وأَجرِ الاستعارة َالتمثيليةَ في كلٍّ منهما.
(7)اشرح قول المتنبي بإيجاز، واذكر ما أَعجبك فيه من التصوير البيانيِّ :
رماني الدَّهْرُ بالأَرْزَاء حتَّى … …فُؤَادي في غشاءٍ من نِبال
فصِرْتُ إذا أَصابتني سِهامٌ … …تَكسَّرتِ النِّصالُ عَلَى النصالِ
==============








(5) بلاغةُ الاستعارةِ
سبق لك أَنَّ بلاغة التشبيه آتيةٌ من ناحيتين: الأُولى تأْليف أَلفاظه، والثانية ابتكار مشبَّه به بعيد عن الأَذهان، لا يجول إِلا في نفس أديب وهب الله له استعدادًا سليماً في تعرُّف وجوه الشَّبه الدقيقة بين الأَشياء، وأودعه قدْرةً على ربط المعاني وتوليدِ بعضها من بعض إلى مدًى بعيدٍ لا يكاد ينتهي.
وسرُّ بلاغة الاستعارة لا يتعدَّى هاتين الناحيتين، فبلاغتها من ناحية اللفظ، أنَّ تركيبها يدل على تناسي التشبيه، ويحمْلك عمدًا على تخيُّل صورة جديدة تُنْسيك رَوْعَتُها ما تضمَّنه الكلام من تشبيه خفي مستور.
انظر إِلى قول البحتريِّ في الفتح بن خاقان :
يَسمُو بكَفٍّ، على العافينَ، حانيَةٍ،تَهمي، وَطَرْفٍ إلى العَلياءِ طَمّاحِ
ألست ترى كفَّه وقد تمثَّلتْ في صورة سحابةٍ هتَّانة تصُبُّ وبلها على العافين السائلين، وأنَّ هذه الصورة قد تملكت عليك مشاعرك فأذْهلتْكَ عما اختبأَ في الكلام من تشبيه؟
وإذا سمعتَ قوله في رثاء المتوكل وقد قُتلَ غيلةً :
صَرِيعٌ تَقَاضَاهُ السّيُوفُ حُشَاشَةً، يَجُودُ بها، والمَوْتُ حُمْرٌ أظافرُهْ
فهل تستطيع أن تُبعِد عن خيالك هذه الصورة المخيفة للموت، وهي صورةُ حيوان مفترس ضرِّجتْ أظافره بدماءِ قتلاه؟
لهذا كانت الاستعارةُ أبلغَ من التشبيه البليغ؛ لأنه وإِن بني على ادعاءِ أنَّ المشبَّه والمشبَّه به سواءٌ لا يزال فيه التشبيه منْوِيًّا ملحوظاً بخلاف الاستعارة فالتشبيهُ فيها مَنْسيٌّ مجحُودٌ؛ ومن ذلك يظهر لك أنَّ الاستعارة المرشحةَ أبلغُ من المطْلَقَةِ، وأنَّ المطلقة أبلغُ منَ المجردة.
أمَّا بلاغةُ الاستعارة من حيثُ الابتكارُ ورَوْعَة الخيال، وما تحدثه من أثرٍ في نفوس سامعيها، فمجالٌ فسيحٌ للإبداع، وميدانٌ لتسابق المجيدين من فُرسان الكلام.
انظر إلى قوله عزَّ شأْنه في وصف النار: {تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ} (8) سورة الملك ، ترتسم أمامك النار في صورة مخلوقِ ضَخْمٍ بطَّاشٍ مكفهرِّ الوجه عابسٍ يغلي صدرُه حقدًا وغيظاً.
ثم انظر إلى قول أبى العتاهية في تهنئة المهدي بالخلافة :
أتتْهُ الخِلاَفَةُ مُنْقادَةً Cool إلَيْهِ تُجَرِّرُ أذْيالَها
تجد أنَّ الخِلافة غادةٌ هيفاءُ مُدَلَّلَة ملولٌ فُتن الناس بها جميعاً، وهي تأْبى عليهم وتصدُّ إِعراضاً، ولكنها تأْتي للمهدي طائعة في دلال وجمال تجرُّ أَذيالها تيهاً وخفرًا.
هذه صورة لا شك رائعة أَبْدع أَبو العتاهية تصويرها، وستبقى حُلوة في الأسماع حبيبةً إِلى النفوس ما بقي الزمان.
ثم اسمع قول البارودي :
إِذَا اسْتَلَّ مِنْهُمْ سَيِّدٌ غَرْبَ سَيْفِهِ تفزَّعتِ الأفلاكُ ، والتفَتَ الدَهرُ
وخبرني عما تحسُّ وعما ينتابك من هول مما تسمع، وقل لنا :كيف خطرت في نفسك صورة الأَجرام السماوية العظيمة حيَّةً حساسة تَرتعِد فَزَعاً وَوَهَلا، وكيف تصورتَ الدهر وهو يلتفتُ دهشاً وذهولاً؟
ثم اسمع قوله في منفاه وهو نهْبُ اليأْس والأمل :
أَسْمَعُ فِي قَلْبِي دَبِيبَ الْمُنَى وألمحُ الشُّبهة َ فى خاطِرِى
تجد أَنه رسم لك صورة للأمل يتمَشى في النفس تمشيًّا مُحَسًّا يسمعه بأْذنه. وأنَّ الظنون والهواجس صار لها جسم يراه بعينه؛ هل رأَيت إِبداعاً فوق هذا في تصويره الشك والأمل يتجاذبان؟ وهل رأيت ما كان للاستعارة البارعة من الأَثر في هذا الإِبداع؟
ثم انظر قول الشريف الرضي في الودَاع :
نَسرِقُ الدّمعَ في الجُيوبِ حَياءً وَبِنَا مَا بِنَا مِنَ الإشفَاقِ
هو يسرق الدمع حتى لا يُوصمَ بالضعف والخَور ساعةَ الوداع، وقد كان يستطيع أن يقول: "نَستُر الدمع في الجيوب حياءً"؛ ولكنه يريد أن يسمو إِلى نهاية المُرْتقَى في سحر البيان، فإنَّ الكلمة "نسْرِقُ" ترسُم في خيالك صورةً لشدة خوفه أَنْ يظهر فيه أثرٌ للضعف، ولمهارته وسرعته في إِخفاء الدمع عن عيون الرقباء. ولولا ضِيق نطاق هذا الكتاب لعرضنا عليك كثيرًا من صور الاستعارة البديعة، ولكنا نعتقدُ أنَّ ما قدمناه فيه كفايةٌ وغِناءٌ.
= ===============










(6) المجازُ المرسلُ
الأَمثلةُ:
(1) قال المتنبيّ :
لَهُ أيَادٍ إليّ سَابِقَةٌ أعُدّ مِنْهَا وَلا أُعَدّدُهَا
(2) وقال تعالى: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ السَّمَاء رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَن يُنِيبُ} (13) سورة غافر.
(3) كَمْ بَعَثنَا الْجَيْشَ جرَّا رًا وَأَرْسَلْنا الْعُيُونَا
(4) وقال تعالى على لسان نوح عليه السلام {وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا } (7) سورة نوح.
(5) وقال تعالى: {وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا} (2) سورة النساء.
(6) وقال تعالى على لسان نوح عليه السلام {إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا} (27) سورة نوح.
(7) وقال تعالى: { فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18) } [العلق/17-19].
(8) وقال تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ} (13) سورة الإنفطار.
البحثُ:
عرفتَ أنَّ الاستعارةَ من المجاز اللغوي، وأنها كلمةٌ استعملت في غير معناها لعلاقة المشابهة بين المعنيين الأصلي والمجازي، ونحن نطلب إليك هنا أنْ تتأَمل الأمثلة السابقة، وأَنْ تبحث فيما إِذا كانت مشتملة على مجاز.
انظر إلى الكلمة "أيادٍ" في قول المتنبي؛ أَتظن أنه أَراد بها الأيدي الحقيقية؟ لا. إِنه يريد بها النّعم، فكلمة أَياد هنا مجازٌ، ولكن هل ترى بين الأَيدي والنعم مشابهة؟ لا. فما العلاقة إِذا بعد أَنْ عرفت فيما سبق من الدروس أَنَّ لكل مجازٍ علاقةً، وأَنَّ العربيَّ لا يُرسل كلمةً في غير معناها إِلا بعد وجود صلة وعلاقة بين المعنيين؟ تأَملْ تجد أَنَّ اليد الحقيقية هي التي تمنح النعم فهي سببٌ فيها، فالعلاقة إِذًا السببيةُ، وهذا كثير شائع في لغة العرب.
ثم انظر إلى قوله تعالى: {ويُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السماءِ رزْقاً}؛ الرزق لا ينزلُ من السماءِ ولكنَّ الذي ينزل مطرٌ ينشأُ عنه النبات الذي منه طعامُنا ورزقُنا، فالرزق مسَّببٌ عن المطر، فهو مجاز علاقته المسببةُ، أَمَّا كلمة "العيون" في البيت فالمراد بها الجواسيسُ، ومنَ الهيِّن أن تفهم أنَّ استعمالها في ذلك مجازيٌّ، والعلاقة أنَّ العين جزءٌ من الجاسوس ولها شأنٌ كبير فيه، فأُطلق الجزء وأريد الكل: ولذلك يقال : إِنَّ العلاقة هنا الجزئيةُ.
وإِذا نظرت في قوله تعالى: {وإِنِّي كُلَّما دَعَوتُهُمْ لِتغفِر لهُمْ جَعَلُوا أصَابِعَهُمْ في آذَانهمْ} رأيت أنَّ الإنسان لا يستطيع أنْ يضع إِصبعَهُ كلها في أُذنه، وأنَّ الأصابع في الآية الكريمة أُطلقتْ وأُريد أطرافُها فهي مجاز علاقته الكليةُ.
ثم تأمل قوله تعالى: {وآتُوا الْيتَامى أمْوَالَهم} تجد أَنَّ اليتيمَ في اللغة هو الصغير الذي مات أبوه، فهل تظن أنَّ الله سبحانه يأمر بإعطاءِ اليتامَى الصغار أموال آبائهم؟ هذا غير معقول، بل الواقع أن الله يأْمر بإعطاء الأموال منْ وصلوا سِنَّ الرُّشد بعد أن كانوا يتامَى، فكلمة اليتامى هنا مجاز لأنها استعملتْ في الراشدين والعلاقةُ اعتبار ما كانَ.
ثم انظر إلى قوله تعالى: {ولا يلِدُوا إِلاَّ فاجرا كفارا} تجدْ أنَّ فاجرًا وكفارًا مجازان لأنَّ المولود حين يولد لا يكون فاجرًا ولا كفارًا ، ولكنه قد يكونُ كذلك بعد الطفولة، فأُطْلِقَ المولود الفاجر وأريد به الرَّجلُ الفاجرُ والعلاقة اعتبارُ ما يكون.
أَما قوله تعالى: {فلْيَدْعُ نادِيهُ} والأَمر هنا للسخريةِ والاستخفافِ، فإِننا نعرف أنَّ معنَى النادي مكانُ الاجتماع، ولكنَّ المقصود به في الآية الكريمة مَنْ في هذا المكان مِنْ عشيرتِهِ ونُصرائه، فهو مجاز أُطلق فيه المحلُّ وأريدَ الحالُّ، فالعلاقة المحليةُ .
وعلى الضدِّ من ذلك قوله تعالى: {إِنَّ الأَبْرارَ لَفِي نَعِيم} والنعيم لا يحُلُّ فيه الإنسان لأنه معنًى من المعاني، وإنما يحلُّ في مكانه، فاستعمال النعيم في مكانه مجازٌ أطلق فيه الحالُّ وأريد المحلُّ فعلاقته الحاليةُ.
وإِذا ثبت كما رأيت أنَّ كل مجاز مما سبق كانت له علاقةٌ غيرُ المشابهة مع قرينة مانعة منْ إرادة المعنى الأصلي، فاعلم أنَّ هذا النوع من المجاز اللغوي يسمَّى المجازُ المرسلُ .
القواعدُ:
(22) المجازُ الْمُرسَلُ : كلمةٌ اسْتُعْمِلَتْ في غَيْر مَعناها الأَصْليِّ لعلاقةٍ غير المشابهةِ مَعَ قرينةٍ مانعةٍ من إِرادةِ المعنَى الأصْليِّ .
(23) مِنْ عَلاقات المجاز المُرْسَل:السَّببيَّةُ – المسَبَّبيَّةُ – الجُزئيةُ – الكليَّةُ - اعْتبَارُ
ما كانَ - اعتبارُ ما يكونُ – المَحَليَِّّةُ - الحالِّيَّةُ.
نَمُوذَجٌ
(1) شَرِبْتُ ماءَ النِّيل.
(2) ألقَى الخطيبُ كلمةً كانَ لها كبيرُ الأَثر.
(3)قال تعالى : {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيْرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ} (82) سورة يوسف.
(4) يَلْبَسُ المصريونَ القطنَ الذي تُنتِجُهُ بلادُهم.
(5) قال المتنبي :
وَالأعوَجيّةُ مِلءُ الطُّرْقِ خَلفَهُمُ وَالمَشرَفِيّةُ مِلءُ اليوْمِ فَوْقَهُمُ
(6) سأُوقدُ ناراً.
الإِجابةُ
(1) ماءَ النيل يرادُ بعضُ مائه فالمجاز مرسلٌ علاقته الكليةُ.
(2) الكلمةَ يراد بها كلام " " " الجزئيةُ.
(3) القريةَ يراد بها أهلها " " " المحليةُ.
(4) القطنَ يراد به نسيجٌ كان قطناً " " " اعتبارُ ما كانَ.
(5) ملءَ اليوم يراد به ملء الفضاء الذي يشرق عليه النهار فالمجازُ مرسلٌ " الحالِّيةُ.
(6) نارًا يراد به حطبٌ يئولُ إلى نار فالمجازُ مرسلٌ " اعتبار ما يكونُ.
تمريناتٌ
(1)بينْ علاقة كلِّ مجازٍ مرسلٍ تحته خطٌّ مما يأْتي :
(1) قال ابن الزَّيات في رثاءِ زوْجه :
أَلاَ منْ رأى الطِّفْلَ المُفارقَ أمَّه بَعِيدَ الكَرى عَيْنَاهُ تبتدرانِ
(2) ويُنسبُ إلى السموءَ ل :
تسِيلُ على حدِّ السُّيوفِ نُفوسُنَا … …وَلَيْسَ على غَيْر السُّيُوف تَسيلُ
(3) وقال الشاعر :
أَلِمَّا على مَعْنٍ وَقولاَ لِقبرهِ … …سَقتْك الغواديَ مربعاً ثُمَّ مَرْبعا
(4)وقال الشاعر :
لا أركبُ البحرَ خوفاً Cool عليَّ منهُ المعاطبُ
طينٌ أنا وهوَ ماءٌ Cool والطينُ في الماء ذائبُ
(5) وما مِنْ يدٍ إلا يَدُ اللهِ فَوْقَها … …ولاَ ظَالم إِلاَّ سيُبْلى بأَظْلَمِ
(6) وقال المتنبي في ذم كافور :
إنّي نَزَلْتُ بكَذّابِينَ، ضَيْفُهُمُ عَنِ القِرَى وَعَنِ الترْحالِ محْدُودُ
(7) وقال أيضاً :
رَأيتُكَ محْضَ الحِلْمِ في محْضِ قُدرَةٍ وَلوْ شئتَ كانَ الحِلمُ منكَ المُهنّدَا
(2)بيِّنْ كلَّ مجازٍ مرسَلٍ وعلاقتَه فيما يأتي:
(1) سَكَنَ ابنُ خَلدُونَ مِصْرَ.
(2) منَ الناس مَنْ يأْكلُ القمحَ ومنهم منْ يأْكلُ الذرةَ والشعيرَ.
(3) إنَّ أَميرَ المؤمنين نَثَرَ كنانتَهُ.
(4) رَعَيْنا الغَيْثَ.
(5) قال تعالى : {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (107) سورة آل عمران.
(6) حَمَى فلان ٌغَمامَةَ وَاديهِ (أَي عشْبهِ).
(7) قال تعالى في شأْن موسى عليه السلام :{.. فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ ..} (40) سورة طـه.
(8) وقال تعالى: {.. فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ..}(185) سورة البقرة ،(أَي هلال الشهر).
(9) سأُجازيكَ بما قَدَّمَتْ يَدَاكَ.
(10) وقال تعالى: {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ} (43) سورة البقرة ،(أَي صَلُّوا)
(11) وقال تعالى: {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ} (101) سورة الصافات.
(12) وقال تعالى عن المنافقين : {.. يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ ..} (167) سورة آل عمران.
(13) أَذَلَّ فلانٌ ناصيةَ فلانٍ .
(14) سقَتِ الدَّلْوُ الأَرضَ.
(15) سالَ الوادي.
(16) قال عنترة :
فشَكَكْتُ بالرّمْحِ الأصَمّ ثِيابَهُ، Cool لَيْسَ الكَريمُ على القَنَا بِمُحَرَّمِ
(17) لا تجالسوا السفهاءَ على الحُمْقِ (أَي الخمرِ).
(18) وقال أَعرابيٌّ لآخرَ: هل لكَ بيتٌ؟ (أَي زوجٌ).
(3)بيِّنْ منَ المجازاتِ الآتية ما علاقتُه المشابهةُ، وما علاقتُه غيرها:
(1) الإِسلامُ يحثُّ على تحريرِ الرِّقابِ.
(2) وقال علي الجارم :
مَلِكٌ شَادَ لِلْكنَانة ِ مَجْداً أحْكَمَتْ وَضْعَ أُسِّهِ آباؤُهْ
(3) تفرَّقَتْ كلمةُ القومِ.
(4) غاضَ الوفاءُ وفاضَ الغَدرُ.
(5) قال تعالى :{وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ} (84) سورة الشعراء.
(6) أَحيا المطرُ الأَرضَ بعدَ مَوْتها.
(7) قال تعالى :{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى..} (178) سورة البقرة (أَي فيمنْ سيقتلون).
(8) قررَ مجلسُ الوزراء كذا.
(9) بَعثتَ إِليَّ بحديقةٍ جلَّتْ معانيها، وأُحْكِمَتْ قوافيها.
(10) شربتُ البُنَّ.
(11) لا تكنْ أُذُناً تتقبَّلْ كلَّ وِشاَيةٍ.
(12) سَرَقَ اللصُّ المنزلَ.
(13) قال تعالى: {وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانَ قَالَ أَحَدُهُمَآ إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا ..} (36) سورة يوسف.
(4)استعملْ كلَّ كلمةٍ منَ الكلمات الآتية مجازاً مرسلاً للعلاقةِ التي أَمامَها:
(1) عَينٌ – الجزئيةُ.… (4) المدينةُ – المحليةُ.
(2) الشامُ – الكليةُ.… (5) الكَتانُ – اعتبارُ ما كانَ.
(3) المدرسةُ – المحليةُ.… (6) رجالٌ- اعتبار ما يكونُ.
(5)ضعْ كلَّ كلمةٍ منَ الكلمات الآتية في جملتين بحيثُ تكونُ مرةً مجازًا مُرسلاً، ومرةً مجازاً بالاستعارةِ:
القلمُ – السيفُ – رأسٌ – الصديقُ
(6)اشرحِ البيتين وبيِّنْ ما فيهما منْ مجازٍ :
لا يَغُرَّنْكَ ما تَرى مِنْ أُناس … …إِنَّ تَحْتَ الضلوعِ دَاءً دويَّا
فَضَعِ السَّوْطَ وارْفَعِ السَّيف حتَّى … …لاَ تَرى فَوْقَ ظَهرها أَمويَّا
==================










بلاغةُ المجازِ المرسلِ والمجازِ العقليِّ
إذا تأملت أنواع المجاز المرسل والعقلي رأيت أنها في الغالب تؤدي المعنَى المقصود بإيجاز ، فإذا قلت : " هزمَ القائدُ الجيشَ " أو " قررَ المجلس كذا " كان ذلك أوجزَ من أنْ تقول : " هزمَ جنودُ القائد الجيش " ، أو " قرر أهل المجلس كذا " ، ولا شكَّ أنَّ الإيجاز ضربٌ من ضروب البلاغة .وهناك مظهر آخر للبلاغة في هذين المجازين هو المهارة في تخير العلاقة بين المعنى الأصلي والمعنى المجازيِّ ، بحيث يكون المجاز مصوراً للمعنى المقصود خير تصوير كما في إطلاق العين على الجاسوس ، والأذن على سريع التأثير بالوشاية . والخفِّ والحافر على الجمال والخيل في المجاز المرسل ، وكما في إسناد الشيء إلى سببه أو مكانه أو زمانه في المجاز العقلي ،فإن البلاغة توجبُ أنْ يختار السبب القوي والمكان والزمان المختصان.
وإذا دققت النظر رأيت أنَّ أغلب ضروب المجاز المرسل والعقلي لا تخلو من مبالغة بديعة ذات أثر في جعل المجاز رائعاً خلاباً ، فإطلاقُ الكلِّ على الجزء مبالغة ومثله إطلاق الجزء وإرادة الكل ، كما إذا قلت : " فلان فٌم "تريد أنه شره يلتقم كلَّ شيء . أو " فلانٌ أنفٌ " عندما تريد أن تصفه بعظم الأنف فتبالغ فتجعله كله أنفاً . ومما يؤثر عن بعض الأدباء في وصف رجل أنافيٍّ قوله : " لست أدري أهو في أنفه أمْ أنفهُ فيه " .
================
الكنايةُ
الأمثلةُ :
1. تقولُ العربُ : فلانةٌ بعيدةُ مهوَى القُرط .
2. قالت الخنساء في أخيها صخر ٍ :
طويلُ النجادِ رفيعُ العمادِ كثيُر الرمادِ إذا ما شتا .
--------------
3. وقال آخرُ في فضل دار العلوم في إحياءِ لغة العربِ :
وجدتُ فيكِ بنتُ عدنانَ داراً ذكَّرَتها بداوةَ الأعرابِ.
4. وقال آخرُ :
الضَّاربين بكلِّ أبيضَ مخذَمٍ والطاعنينَ مجامعَ الأضغانِ
--------------
5. المجدُ بين ثوبيكَ والكرمُ ملءَ بُرديكَ .
البحثُ :
مهوى القرط المسافةُ من شحمة الأذن إلى الكتف ، وإذا كانت هذه المسافة بعيدة لزم أنْ يكون العنق طويلاً ، فكأن العربي بدل أنْ يقول : "إن هذه المرأة طويلة الجيد " نفحنا بتعبير جديد يفيد اتصافها بهذه الصفة .
وفي المثال الثاني تصف الخنساء أخاها بأنه طويل النجاد ، رفيع العماد ، كثير الرماد . تريد أنْ تدل بهذه التراكيب على أنه شجاع ، عظيم في قومه ، جواد ، فعدلت عن التصريح بهذه الصفات إلى الإشارة إليها والكناية عنها ، لأنه يلزم من طول حمالة السيف طول صاحبه ، ويلزم من طول الجسم الشجاعة عادة ، ثم إنه يلزم من كونه رفيع العماد أن يكون عظيم المكانة في قومه وعشيرته ، كما أنه يلزم من كثرة الرماد كثرةُ حرق الحطب ،ثم كثرة الطبخ ، ثم كثرة الضيوف ، ثم الكرم ، ولما كان كل تركيب من التراكيب السابقة ، وهي بعيدة مهوى القرط ، وطويل النجاد ، ورفيع العماد ، وكثير الرماد ، كُنيَ به عن صفة لازمة، لمعناه ، كان كلُّ تركيبٍ من هذه وما يشبهه كناية عن صفة وفي المثال الثالث أراد الشاعر أن يقول : إن اللغة العربية وجدت فيكِ أيتها المدرسة مكاناً يذكرها بعهد بدواتها .فعدل عن التصريح باسم اللغة العربية إلى تركيب يشير إليها ويعدُّ كناية عنها وهو " بنت عدنان "
وفي المثال الرابع أراد الشاعر وصف ممدوحيه بأنهم يطعنون القلوب وقت الحرب فانصرف عن التعبير بالقلوب إلى ما هو أملح وأوقع في النفس وهو " مجامعُ الأضغان " ، لأنَّ القلوب تُفهم منه إذ هي مجتمع الحقد والبغض والحسد وغيرها .
وإذا تأملت هذين التركيبين وهما : " بنت عدنان " ، " مجامع الأضغان " رأيت أنَّ كلاً منهما كُني به عن ذات لازمة لمعناه ، لذلك كان كل منهم كناية عن موصوف وكذلك كلُّ تركيب يماثلها .
أما في المثال الأخير فإنك أردت أن تنسب المجد والكرم إلى من تخاطبه ، فعدلت عن نسبتهما إلى ما له اتصال به ، وهو الثوبان والبردانِ ‘ ويسمَّى هذا المثال وما يشبهه كنايةٌ عن نسبة . وأظهر علامة لهذه الكناية أنْ يصرحَ فيها بالصفة كما رأيت ، أو بما يستلزم الصفة ، نحو : في ثوبيه أسدٌ ، فإن هذا المثال كناية عن نسبة الشجاعة .
وإذا رجعت إلى أمثلة الكناية السابقة رأيت أنَّ كل منها ما يجوز فيه إرادة المعنى الحقيقي الذي يفهم من صريح اللفظ ومنها مالا يجوز فيه ذلك .
القواعدُ :
(26) الكنايةُ لفظٌ أطلقَ وأريدَ به لازمُ معناهُ مع جوازِ إرادة ذلك المعنَى .
(27) تنقسمُ الكنايةِ باعتبارِ المكنَّى عنه ثلاثةَ أقسامٍ ، فإنَّ المكنَّى عنه قد يكون صفةً، وقد يكون موصوفاً ، وقد يكون نسبةً .
نموذجٌ
1. قال المتنبي في وقيعة سيف الدولة ببني كلاب :
فَمَسّاهُمْ وَبُسْطُهُمُ حَريرٌ وَصَبّحَهُمْ وَبُسْطُهُمُ تُرَابُ
وَمَنْ في كَفّه مِنْهُمْ قَنَاةٌ كمَنْ في كَفّه منهُمْ خِضابُ
2. وقال في مدح كافور :
إنّ في ثَوْبِكَ الذي المَجْدُ فيهِ لَضِيَاءً يُزْري بكُلّ ضِيَاءِ
الإجابةُ:
1- كنَّى بكون بسطهم حريراً عن سيادتهم وعزتهم ،وبكون بسطهم تراباً عن حاجتهم وذلهم ،فالكناية في التركيبين عن الصفة .
2- وكنَّى بمن يحمل قناة عن الرجل ،وبمن في كفه خضابٌ عن المرأة وقال :إنهما سواء في الضعف أمام سطوة سيف الدولة وبطشه ،فكلتا الكنايتين كنايةٌ عن موصوف .
3- أراد أنْ يثبت المجد لكافور فترك التصريح بهذا وأثبته لما له تعلق بكافور وهو الثوب ، فالكناية عن نسبةٍ .
تمريناتٌ
(1)-بينِ الصفةَ التي تلزمُ منْ كلِّ كنايةٍ منَ الكناياتِ الآتيةِ :
(1) نئومُ الضحا . (2) ألقى فلانٌ عصاهُ .
(3) ناعمةُ الكفين .
(4) قرعَ فلانٌ سِنَّهُ .
(5) يشارُ إليه بالبنانِ .
(6) قال تعالى :{وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا} (42) سورة الكهف.
(7) ركبَ جناحي نعامةٍ .
(8) لوتِ الليالي كفَّه على العصا .
(9) قال المتنبي في وصف فرسه :
وأصْرَعُ أيَّ الوحشِ قَفَّيتُهُ بِهِ Cool وَأنْزِلْ عنهُ مثلَهُ حينَ أركَبُ
(10) فلانٌ لا يضعُ العصا على عاتقِه .
(2)بينِ الموصوفَ المقصودَ بكلِّ كنايةٍ من الكناياتِ الآتيةِ :
(1) قال الشاعر :
قَوْمٌ تَرَى أَرْمَاحَهُمْ يَوْمَ الْوَغَى مَشْغُوفَةً بِمَوَاطِنِ الكِتْمَانِ
(2) وقال تعالى : {أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} (18) سورة الزخرف
(3) كان المنصورُ في بستانٍ في أيام محاربتهِ إبراهيم بن عبد الله بن الحسن ونظر إلى شجرة خلاف ،فقال للربيع . ما هذه الشجرةُ ؟ . فقال : طاعة ٌ يا أميرَ المؤمنين !
(4) مرَّ رجلٌ في صحنِ دار الرشيد ومعه حزمة خيزران ، فقال الرشيدُ للفضل بن الربيع : ما ذاك ؟ فقال : عروقُ الرماحِ يا أمير المؤمنين ، وكره أنْ يقول : الخيزران ، لموافقة ذلك لاسم أمِّ الرشيد .
(5) قال أبو نواس في الخمر :
فلما شَربناها ودَبَّ دبيبُها Cool إلى مَوْضع الأسْرار قلتُ لها قفي
(6) وقال المعري في السيف :
سليلُ النار دقَّ ورقَّ حتى Cool كأن أباه أورثَهُ السلالا
(7) كبرتْ سنُّ فلانٍ وجاءهُ النذيرُ .
(8) سئلَ أعرابيٌّ عن سببِ اشتعال شيبهِ ، فقال : هذا رغوةُ الشبابِ .
(9) وسئلَ آخرُ ، فقال : هذا غبارُ وقائعِ الدهرِ .
(10) يروى أنَّ الحجاجَ قال للغضبان بن القبعثري: لأحملنَّكَ على الأدهم ، فقال : مثلُ الأمير يحملُ على الأدهمِ والأشهبِ ، قال إنه الحديدُ ، قال : لأنْ يكونَ حديداً خيرٌ منْ أنْ يكونَ بليداً .
(3)بينِ النسبةَ التي تلزم كل كناية من الكنايات الآتية :
(1) قال الشاعر :
إنَّ السماحةَ والمروءةَ والندى Cool في قبةٍ ضُرِبت على ابن الحشرج
(2) قال أعرابيٌّ : دخلتُ البصرةَ فإذا ثيابُ أحرارٍ على أجسادِ العبيدِ .
(3) وقال الشاعر :
الُيمْنُ يتبعُ ظلَّهُ والمجدُ يمشي في ركابه
(4)بينْ أنواعَ الكناياتِ الآتيةِ وعيِّنْ لازمَ معنَى كلٍّ منها :
(1) مدح أعرابيٌّ خطيباً فقال : كانَ بليلَ الريقِ، قليلَ الحركاتِ .
(2) وقال يزيد بن الحكم في مدح المهلب .
أصْبَحَ في قَيْدِكَ السَّماحَةُ والْ Cool جُودُ وفضلُ الصلاحِ والحسبِ
(3) وتقولُ العربُ :
فلانٌ رحبُ الذراعِ ، نقيُّ الثوبِ ، طاهرُ الإزارِ ، سليمُ دواعي الصَّدرِ .
(4) وقال البحتريُّ يصف قتله ذئباً :
فأتْبَعْتُهَا أُخرَى، فأضْلَلْتُ نَصْلَها بحَيثُ يكونُ اللُّبُّ والرُّعبُ والحِقْدُ
(5) وقال آخر في رثاء منْ ماتَ بعلةٍ في صدرهِ :
ودبتْ في موطنِ الحلمِ علةٌ لها كالصلالِ الرقشِ شرُّ دبيب
(6) ووصف أعرابيٌّ امرأة فقال : تُرخي ذيلَها على عُرقوبي ناعمةٍ .
(5)بينْ نوعَ الكناياتِ الآتيةِ ، وبينْ منها ما يصحُّ فيه إرادةُ المعنى المفهوم من صريح اللفظِ . وما لا يصحُّ :
(1)وصف أعرابيٌّ رجلاً بسوء العشرةِ فقال : كان إذا رآني قَرَّب منْ حاجبٍ حاجباً، .
(2) قال أبو نواس في المديح :
فما جازَهُ جُودُ ، ولا حَلّ دونَه، ولكنْ يصيرُ الجودُ حيثُ يصيرُ
(3) وتكني العربُ عمنْ يجاهرُ غيره بالعداوة بقولهم :
لبسَ له جلدَ النمر ، وجلدَ الأرقم ، وقلبَ له ظهرَ المجَنِّ .
(4) فلانٌ عريضُ الوساد ، أغمُّ القفا .
(5) قال الشاعر :
تجولُ خلاخيلُ النساءَ، ولا أرَى Cool لِرملَةَ خلخالاً يجولُ ولا قُلْبا
(6) وتقول العربُ في المديح : الكرمُ في أثناء حلَّته ، ويقولون: فلانٌ نفخَ شدقيهِ ، أي تكبَّر ، وورمَ أنفُه إذا غضبَ .
(7) قالت أعرابيةٌ لبعض الولاة : أَشكو إليك قلَّةَ الجُرذان .
(8) وقال الشاعر :
بِيضُ المَطابِخِ لا تَشْكو ولائدهُمْ Cool طَبْخَ القُدُورِ ولا غَسْلَ المناديلِ
(9) وقال آخر :
مطبخُ داودَ في نظافتهِ . .. أشبهُ شيءٍ بعرش بلقيسِ
ثيابُ طباخِه إذا اتسختْ Cool أنقى بياضاً منَ القراطيسِ
(10) وقال آخر :
فتًى مختَصرُ المأكُو لِ والمشْروبِ والعِطْرِ
نقيُّ الكأسِ والقصْعـ ـةِ والمنديلِ والقِدْرِ
(6)اشرحِ البيتَ الآتي وبينِ الكنايةَ التي به :
فلَسْنا على الأَعْقابِ تَدْمَى كُلُومُنا Cool ولكنْ على أَقْدامِنا يَقْطُر الدَّما
=================








بلاغةُ الكِنايةِ
الكنايةُ مَظهرٌ من مظاهر البلاغةِ، وغايةٌ لا يصل إليها إلا من لطف طبعُه، وصفتْ قريحتُه، والسرُّ في بلاغتها أنها في صور كثيرةٍ تعطيك الحقيقةَ، مصحوبةً بدليلها، والقضيةً وفي طيِّها برْهانها، كقول البحتري في المديح :
يَغضُّونَ فَضْلَ اللّحظِ مِن حَيثُ ما بدا لهمْ عَنْ مَهيبٍ، في الصّدورِ، مَحبَّبِ
فإنه كنَّى عن إكبار الناس للممدوحِ، وهيبتِهم إياه، بغضِّ الأبصارِ الذي هو في الحقيقة برهانٌ على الهيبة والإجلالِ،وتظهرُ هذه الخاصةُ جليةً في الكناياتِ عن الصفةِ والنسبةِ.
ومن أسباب بلاغةِ الكنايات أنها تضعُ لكَ المعاني في صورة المحسوساتِ، ولا شكَّ أن َهذه خاصةُ الفنون، فإنَّ المصورَ إذا رسم لك صورةً للأملِ أو لليأسِ، بهرَكَ وجعلكَ ترى ما كنتَ تعجزُ عن التعبير عنه واضحاً ملموساً،فمثلُ كثيرِ الرمادِ في الكناية عن الكرمِ ،ورسول ُالشرِّ، في الكنايةِ عن المزاحِ.
وقول البحتريَِّ :
أو ما رأيتَ المجْدَ ألقى رحلَهُ في آل طلحةَ ثمَّ لم ْ يتحوَّلِ
وذلك في الكنايةِ عن نسبةِ الشرف إلى آل طلحةَ.
كلُّ أولئك يبرز لك المعاني في صورة ٍ تشاهدُ، وترتاحُ نفسُك إليها.
ومن خواصِّ الكنايةِ: أنها تمكنُك منْ أنْ تَشْفيَ غلَّتَك منْ خصمِك منْ غيرِ أنْ تجعل َله إليك سبيلاً، ودون أنْ تخدشَ وجهَ الأدب، وهذا النوعُ يسمَّى بالتعريضِ ،ومثالُه قولُ المتنبي في قصيدة، يمدحُ بها كافوراً ويعرضُ بسيفِ الدولة :
فِراقٌ وَمَنْ فَارَقْتُ غَيرُ مُذَمَّمِ وَأَمٌّ وَمَنْ يَمّمْتُ خيرُ مُيَمَّمِ
وَمَا مَنزِلُ اللّذّاتِ عِندي بمَنْزِلٍ إذا لم أُبَجَّلْ عِنْدَهُ وَأُكَرَّمِ
سَجِيّةُ نَفْسٍ مَا تَزَالُ مُليحَةً منَ الضّيمِ مَرْمِيّاً بها كلّ مَخْرِمِ
رَحَلْتُ فكَمْ باكٍ بأجْفانِ شَادِنٍ عَلَيّ وَكَمْ بَاكٍ بأجْفانِ ضَيْغَمِ
وَمَا رَبّةُ القُرْطِ المَليحِ مَكانُهُ بأجزَعَ مِنْ رَبّ الحُسَامِ المُصَمِّمِ
فَلَوْ كانَ ما بي مِنْ حَبيبٍ مُقَنَّعٍ عَذَرْتُ وَلكنْ من حَبيبٍ مُعَمَّمِ
رَمَى وَاتّقى رَميي وَمن دونِ ما اتّقى هوًى كاسرٌ كفّي وقوْسي وَأسهُمي
إذا ساءَ فِعْلُ المرْءِ ساءَتْ ظُنُونُهُ وَصَدَقَ مَا يَعتَادُهُ من تَوَهُّمِ
فإنه كنَّى عن سيف الدولة، أولا: بالحبيبِ المعمم، ثم وصفه بالغدرِ الذي يدعي أنه من شيمةِ النساءِ، ثم لامه على مبادهته بالعدوانِ، ثم رماه بالجبنِ لأنه يرمي ويتقي الرمي بالاستتارِ خلف غيره، على أنَّ المتنبي لا يجازيه على الشرِّ بمثله، لأنه لا يزال يحمل له بين جوانحه هوًى قديماً، يكسرُ كفه وقوسه، وأسهمه، إذا حاول النضالّ، ثم وصفه بأنه سيءُ الظنِّ بأصدقائهِ لأنه سيءُ الفعل، كثيرُ الأوهام والظنون، حتى ليظنَّ أنَّ الناس جميعاً مثلَه في سوءِ الفعل، وضعفِ الوفاء، فانظر كيف نالَ المتنبي من هذا، ومن أوضح مميزات الكنايةِ التعبيرُ عن القبيح بما تسيغُ الآذانَ سماعُه، وأمثلة ذلك كثيرة جداً في القرآن الكريم، وكلام العربِ فقد كانوا لا يعبرون عما لا يحسنُ ذكره إلا بالكنايةِ، وكانوا لشدة نخوتهِِم يكنونَ عن المرأة بالبيضةِ والشاةِ.
ومن بدائع الكنايات قولُ بعض العرب :
أَلاَ يا نَخْلةً مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ Cool عَلَيْك وَرَحْمَةُ اللّهِ السّلامُ
فإنه كنَّى بالنخلةِ، عن المرأة التي يحبُّها.
ولعل هذا المقدار كاف في بيان خصائص الكناية وإظهار ما تضمنته من بلاغة وجمال ..
===============







أثرُ علمِ البيانِ في تأديةِ المعاني

ظهرَ لك من دراسة علمِ البيان: أنَّ معنًَّى واحداً يستطاع أداؤه بأساليبَ عديدة، وطرائق مختلفةٍ، وأنه قد يوضع في صورة رائعةٍ من صور التشبيه أو الاستعارة،أو المجاز المرسل، أو المجاز العقليِّ، أو الكناية،فقد يصف الشاعر إنساناً بالكرم،فيقول :
يريدُ الملوكُ مَدى جَعفَر Cool ولا يَصنعون كما يَصنعُ
وكيفَ ينالون غاياتِه Cool وهم يَجمعون ولا يَجمعُ
وليسَ بأوسعِهم في الغِنى Cool ولكن مَعْروفه أوسع
فما خَلْفَه لامرىءٍ مطلبٌ Cool ولا لامرىء دونَه مَطمعُ
بَدِيهَتُهُ مثلُ تدبيرِه Cool ..إذا أجبتَه فهو مُستجمِعُ
و هذا كلامٌ بليغٌ جدًّا، مع أنه لم يقصد فيه إلى تشبيه أو مجاز، وقد وصف الشاعرُ فيه ممدوحهَ بالكرم، وأنَّ الملوكَ يريدون أن يبلغوا منزلته، ولكنهم لا يشترونَ الحمد بالمال كما يفعلُ، مع أنه ليس بأغنَى منهم، ولا بأكثرَ مالاً.
وقد يعتمدُ الشاعر عند الوصف بالكرمِ إلى أسلوبٍ آخر، فيقولُ المتنبي :
كالبَحْرِ يَقذِفُ للقَريبِ جَواهِراً جُوداً ويَبْعَثُ للبَعيدِ سَحائِبَا
كالشّمسِ في كَبِدِ السّماءِ وضَوْؤها يَغْشَى البِلادَ مَشارِقاً ومَغارِبَا
فيشبِّهُ الممدوحَ: بالبحر، ويدفعُ بخيالكَ إلى أن يضاهيَ بين الممدوحِ والبحرِ الذي يقذفُ الدرر للقريبِ، ويرسلُ السحائبَ للبعيد، وكذلك يشبهه بالشمس في كبد السماء وضوؤها يملأ مشارق البلاد ومغاربها وهو يريدُ عمومَ نفعهِ للبعيدِ والقريبِ .
أو قول أبي تمام في المعتصم بالله :
هو البحرُ منْ أيِّ النواحي أتيتَهُ فلجتُهُ المعروفُ والجودُ ساحلهُ
فيدَّعي أنه البحرُ نفسه، وينكرُ التشبيهَ نكراناً يدلَّ على المبالغةٍ، وادعاءِ المماثلة الكاملة.
أو يقول :
علا فلا يستقرُّ المالُ في يده وكيفُ تمسكُ ماءً قنة ُ الجبلِ
فيرسلُ إليكَ التشبيه: من طريقٍ خفيٍّ، ليرتفعَ الكلامُ إلى مرتبةِ أعلى في البلاغة وليجعلَ لك من التشبيهِ الضمنيِّ دليلاً على دعواهُ، فإنه ادَّعى: أنه لعلوِّ منزلته ينحدرُ المالُ من يديه، وأقام على ذلك برهاناً.فقال :وكيف تمسكُ ماءً قُنَةُ الجبلِ ؟.
أو يقول :
جرَى النهْرُ حتى خلتَه منكَ أنعُماً تساقُ بلا ضنٍّ وتعطَي بلا منِّ
فيقلبُ التشبيه زيادةً في المبالغةٍ، وافتناناً في أساليب الإجادة.ويشبِّه ماءَ النهر بنعم الممدوح، بعد أنْ كان المألوفُ، أن تشبَّه النعم، بالنهر الفياضِ .أو يقول :
كأنه حينَ يعطي المالَ مبتسماً صوْبُ الغمامةِ تهمي وهْيَ تأتلقُ
فيعمد إلى التشبيهِ المركَّب، ويعطيكَ صورةً رائعةً، تمثِّلُ لك حالةَ الممدوح وهو يجود، وابتسامةُ السرور تعلو شفتيه، أو يقول :
جادَتْ يَدُ الفَتْحِ، والأنْوَاءُ باخِلَةٌ، وَذَابَ نائِلُهُ، والغَيْثُ قد جَمَدَا
فيضاهي بين جودِ الممدوحِ والمطر، ويدَّعي أنَّ كرم ممدوحه لا ينقطعُ، إذا انقطعتِ الأنواء، أو جمدَ المطرُ.
أو بقولِ البحتريِّ :
قَدْ قُلتُ للغَيمِ الرُّكَامِ، وَلَجّ في إبْرَاقِهِ، وألَحّ في إرْعَادِهِ
لا تَعْرِضَنّ لِجَعْفَرٍ، مُتَشَبّهاً بَنَدَى يَدَيهِ، فَلستَ مِنْ أنْدَادِهِ
فيصرحُ لك في جلاءٍ، وفي غير خشيةٍ بتفضيل جودِ صاحبه على جود الغيم، ولا يكتفي بهذا، بل تراهُ يَنْهى السَّحابَ في صورة تهديدٍ أن يُحاولَ التشبهَ بممدوحه; لأنه ليس من أمثالهِ ونظائرهِ، أو بقول المتنبي :
وَأقْبَلَ يَمشِي في البِساطِ فَما درَى إلى البَحرِ يَسعى أمْ إلى البَدْرِ يرْتَقي
يصف حال رسول الروم داخلا على سيف الدولة، فَيَنْزَعُ في وصف الممدوح بالكرم، إلى الاستعارة التصريحية، والاستعارةُ - كما علمتَ - مبنيةٌ على تناسي التشبيهِ، والمبالغةُ فيها أعظمُ، وأثرهُا في النفوس أبلغُ.
أو يقولُ :
دَعوتُ نَدَاهُ دعوةً فأجابَنِي و عَلَّمنِي إحسانُهُ كَيْفَ آمُلهْ
فيُشَبَّهُ نَدى ممدوحهِ وإحسانهِ بإنسانٍ ،ثم يحذف المشبَّه به، ويرمزُ إليه بشيءٍ من لوازمهِ، وهذا ضربٌ آخر من ضروبِ المبالغة ِالتي تساق الاستعارةُ لأجلها.
أو بقول المتنبي :
قَوَاصِدُ كافورٍ نَوَارِكُ غَيْرِهِ Cool وَمَنْ قَصَدَ البَحْرَ اسْتَقَلَّ السوَاقِيا
فيرسلُ العبارةَ كأنَّها مَثلٌ، ويصوِّر لك أنَّ من قصد ممدوحَه استغنى عمَّنْ هو دونه، كما أنَّ قاصدَ البحرِ لا يأبهُ للجداول، فيعطيك استعارة تمثيليةً، لها روعةٌ، وفيها جمالٌ، وهي فوق ذلك تحملُ برهاناً على صدق دعواهُ، وتؤيِّدُ الحال الذي يَدَّعيها.
أو يقول المتنبيِّ :
ما زِلْتَ تُتْبِعُ ما تُولي يَداً بيَدٍ حتى ظَنَنْتُ حَياتي مِنْ أياديكَا
فيعدلُ عن التشبيه والاستعارة، إلى المجاز المرسلِ ويطلق كلمةَ يدٍ ويريدُ بها النعمةَ; لأن اليدَ آلةٌ النعم وسببها.
أو يقول :
أعَادَ يَوْمُكَ أيامِي لِنَضْرَتِهَا واقْتَصَّ جودُك مِنْ فَقرِي وإعْسَاري
فيسندُ الفعلَ إلى اليوم، وإلى الجودِ، على طريقة المجاز العقليِّ.
أو يقول أبو النواس :
فما جازَهُ جُودُ ، ولا حَلّ دونَه، ولكنْ يصيرُ الجودُ حيثُ يصيرُ
فيأتي بكنايةٍ عن نسبةِ الكرم إليه، بادِّعاء أنَّ الجودَ يسيرُ معه دائماً; لأنه بَدَل أن يحكم بأنه كريمٌ، ادّعى أنَّ الكرم يسيرُ معه أينما سارَ.
ولهذه الكنايةُ من البلاغةِ، والتأثيرِ في النفس، وحسنِ تصويرِ المعنى، فوق ما يجدُه السَّامعُ في غيرها من بعض ضروبِ الكلام.
فأنتَ ترى أنه من المستطاعِ التعبيرُ عن وصف إنسانٍ بالكرمِ بأربعةَ عشرَ أسلوباً كلٌّ: له جمالهُ، وحُسْنهُ، وبَراعتُه، ولو نشاءُ لأتينا بأساليبَ كثيرةٍ أخرى في هذا المعنى; فإنَّ للشعراءِ ورجالِ الأدبِ افتناناً وتوليداً للأساليب والمعاني، لا يكاد ينتهي إلى حدٍّ، ولو أردنا لأوردنا لك ما يقالُ من الأساليب المختلفة المَنَاحِي في صفات أخرى، كالشجاعة، والإباء، والحزم وغيرها، ولكنَّا لم نَقْصِد إلى الإطالة، ونعتقد أنك عند قراءتك الشعر العربىّ والآثار الأدبية، ستجد بنفسك هذا ظاهراً وسَتَدْهَش للمَدَى البعيدِ الذي وصل إليه العقل الإنساني في التصوير البلاغيّ، والإبداع في صوغ الأساليب
************
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://al-bowah.forumarabia.com
سطام البواح
سكرتير تنفيذي
سكرتير تنفيذي



عدد المساهمات : 9
نقاط : 333
المستوى والانجاز : 0
تاريخ التسجيل : 05/03/2011
العمر : 15

البلاغة الواضحة الجزءالرابع Empty
مُساهمةموضوع: موفق ان شاء الله   البلاغة الواضحة الجزءالرابع Icon_minitime1الأربعاء 3 أغسطس 2011 - 12:26

الله على هالطرح الشيق
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
البلاغة الواضحة الجزءالرابع
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» البلاغة الواضحة الجزءالخامس
» البلاغة الواضحة الجزءاالسابع
» البلاغة الواضحة الجزءاالثامن
» البلاغة الواضحة الجزءالتاسع
» البلاغة الواضحة الجزءالثالث

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى ابـــــــــــــــــــــن البواح الثقافـــــــــــــــــــــــــي :: منتدى الكتب العلمية-
انتقل الى: