منتدى ابـــــــــــــــــــــن البواح الثقافـــــــــــــــــــــــــي
ابتسم وعيش الفرحة
مرحبا اخي الزائر في منتدى حسن علي اصلع بواح حللت اهلا ووطئت سهلا نرجو منك التسجيل في منتدانا او الدخول اذا كنت مسجلا من قبل نتمنى لكم اقامة عامرة
المدير التنفيدي / حسن علي اصلع بواح
منتدى ابـــــــــــــــــــــن البواح الثقافـــــــــــــــــــــــــي
ابتسم وعيش الفرحة
مرحبا اخي الزائر في منتدى حسن علي اصلع بواح حللت اهلا ووطئت سهلا نرجو منك التسجيل في منتدانا او الدخول اذا كنت مسجلا من قبل نتمنى لكم اقامة عامرة
المدير التنفيدي / حسن علي اصلع بواح
منتدى ابـــــــــــــــــــــن البواح الثقافـــــــــــــــــــــــــي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى ابـــــــــــــــــــــن البواح الثقافـــــــــــــــــــــــــي

سياسي - ثقافي - اجتماعي - ادبي
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 البلاغة الواضحة الجزءاالثامن

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
حسن علي اصلع بواح
المدير العام
المدير العام
حسن علي اصلع بواح


عدد المساهمات : 616
نقاط : 31195
المستوى والانجاز : 3
تاريخ التسجيل : 09/02/2011
العمر : 34
الموقع : جده السعودية

البلاغة الواضحة الجزءاالثامن Empty
مُساهمةموضوع: البلاغة الواضحة الجزءاالثامن   البلاغة الواضحة الجزءاالثامن Icon_minitime1الأربعاء 3 أغسطس 2011 - 12:36


أثرُ عِلمِ المعاني في بَلاغةِ الكلامِ
نستطيع هنا بعد الدراسة السابقة أن نلخص لك مباحث علم المعاني في أمرين اثنين:
الأول: أنه يبين لك وجوب مطابقة الكلام لحال السامعين والمواطن التي يقال فيها، ويُريك أنَّ القول لا يكون بليغاً كيفما كانت صورته حتى يلائم المقام الذي قيل فيه، ويناسب حال السامع الذي أٌلقي عليه، وقديما قال العرب: لكلِّ مقامٍ مقالُ.
فقد يؤكد الخبر أحياناً كما علمت، وقد يُلقى بغير توكيد، على حسب حال السامع مِنْ جَهْل بمضمون الخبر أو تردد أو إنكار. ومناهضة هذا الأصل بلا داعٍ نُشوزٌ عما رُسم من قواعد البلاغة. انظر إلى قوله تعالى في شأن رُسل عيسى عليه السلام حين بعثهم إلى أهل أنطاكية:
{ وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (13) إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ (14) قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ (15) قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ (16) } [يس/13-16] .
فإن الرسل حين أحسٌّوا إنكارهم في المرة الأولى اكتفوا بتأكيد الخبر " بإن ". فقالوا : {إنا إليكم مرسلون} فلما تزايد إنكارهم وجحودهم قالوا: { ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون} أكدوا بالقسم وإنَّ واللام.
وقد تَخفَى هذه الدقائق على غير أهل اللغة، رُوي أن الكندي ركب إلى أبي العباس المبرِّد وقال له: "إني أجد في كلام العرب حشواً!
فقال أبوالعباس: "أين وجدت ذلك؟" فقال: "وجدتهم يقولون عبد الله قائم ثم يقولون " إن عبد الله قائم " ثم يقولون " إن عبد الله لقائم " فالألفاظ مكررة والمعنى واحد"؛ فقال أبو العباس: "بل المعاني مختلفة، فالأول إخبار عن قيامه، والثاني جواب عن السؤال، والثالث ردٌ على منكر".
كذلك يوجب علم المعاني أنْ يخاطب كل إنسان على قدر استعداده في الفهم ونصيبه من اللغة والأدب فلا يجيز أن يخاطب العاميُّ بما يخاطب به الأديب الملمُّ بلغة العرب وأسرارها.
قال بعضهم لبشار بن بُرد: "إنك لتجئ بالشيء الهجين المتفاوت؛ قال: "وما ذاك؟" قال: "بينما تثير النقع وتخلع القلوب بقولك :
إِذا ما غَضِبْنا غَضبةً مُضَريَّةً Cool هَتكنا حِجَابَ الشَّمْسِ أَو قَطَرت دَما
إِذا ما أَعَرْنا سَيِّداً مِن قَبيلة Cool ذُرَا مِنبَر صَلَّى عَلَيْنا وسَلَّما
نراك تقولُ:
ربابةُ ربَّه البيْتِ…..تصُبُّ الخلَّ في الزيتِ
لَهَا عشرُ دجاجاتٍ……ودِيكٌ حسنُ الصَّوْت
فقال بشار: لكلٍّ وجْهٌ وموضع، فالقول الأول جدٌّ، والثاني قلتُه في ربابة جاريتي، وأنا لا آكل البيْض من السوق، وربابة لَهَا عشر دجاجات وديكٌ فهي تجمع لي البيض، فهذا القول عندها أحْسنُ من "قفا نَبك مِنْ ذكرى حبيب ومنْزلِ " عندك!
وكثيرًا ما تجد الشَّاعر يسْهُلُ أحْياناً ويلين حتى يُشْبه شِعره لغة الخطاب، ويخشُنَ آونة، ويصلُبَ حتى كأنه يقذفك بالجلمد، كلُّ ذلك على حسب موضوعه الذي يقول فيه والطبقة التي يُنشدها شعرَه. ومن خير الأمثلة لهذا النوع أبونواس، فِإنه في خمرياته غيرُه في مدائحه ووصفه.
واعتبر هذا الأصل بما كان من النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه لما أراد أَن يَكتب إلى مَلك فارس اختار أسهل الألفاظ وأَوضحها فقال:
" بِسْمِ اللّهِ الرّحْمَنِ الرّحِيمِ مِنْ مُحَمّدٍ رَسُولِ اللّهِ إلَى كِسْرَى عَظِيمِ فَارِسَ سَلَامٌ عَلَى مَنْ اتّبَعَ الْهُدَى وَآمَنَ بِاَللّهِ وَرَسُولِهِ وَشَهِدَ أَنْ لَا إلَهَ إلّا اللّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنّ مُحَمّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ اللّهِ فَإِنّي أَنَا رَسُولُ اللّهِ إلَى النّاسِ كَافّةً لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيّا وَيَحِقّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ أَسْلِمْ تَسْلَمْ فَإِنْ أَبَيْت فَعَلَيْكَ إثْمُ الْمَجُوسِ " .
وحين أراد أَن يكتب إلى أُكيدر صاحبِ دومة الجندل فَخَّم الأَلفاظ وأتى بالجزْل النادر فقال :
" بِسْمِ اللّهِ الرّحْمَنِ الرّحِيمِ مِنْ مُحَمّدٍ رَسُولِ اللّهِ لِأُكَيْدِرٍ حِينَ أَجَابَ إلَى الْإِسْلَامِ وَخَلَعَ الْأَنْدَادَ وَالْأَصْنَامَ مَعَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ سَيْفِ اللّهِ فِي دُومَةِ الْجَنْدَلِ وَأَكْنَافِهَا ، إنّ لَنَا الضّاحِيَةَ مِنْ الضّحْلِ وَالْبَوْرَ وَالْمَعَامِيَ وَأَغْفَالَ الْأَرْضِ وَالْحَلْقَةَ وَالسّلَاحَ وَالْحَافِرَ وَالْحِصْنَ وَلَكُمْ الضّامِنَةُ مِنْ النّخْلِ وَالْمَعِينِ مِنْ الْمَعْمُورِ لَا تُعْدَلُ سَارِحَتُكُمْ وَلَا تُعَدّ فَارِدَتُكُمْ وَلَا يُحْظَرُ عَلَيْكُمْ النّبَاتُ تُقِيمُونَ الصّلَاةَ لِوَقْتِهَا ، وَتُؤْتُونَ الزّكَاةَ بِحَقّهَا ، عَلَيْكُمْ بِذَلِكَ عَهْدُ اللّهِ وَالْمِيثَاقُ وَلَكُمْ بِذَلِكَ الصّدْقُ وَالْوَفَاءُ . " .
وتكون مطابقة الكلام لمقتضى الحال أيضاً فما يتصرف فيه القائل من إيجاز وإطناب: فللإيجاز مواطنه، وللإطناب مواقعه، كل ذلك على حسب حال السامع وعلى مقتضى مواطن القول؛ فالذكي الذي تكفيه اللمحة يحسن له الإيجاز، والغبي أو المكابر يجمل عند خطابه الإطناب والإسهاب.
وإذا تأملت القرآن الكريم رأيته إذا خاطب العرب والأعراب أوجز كلَ الإيجاز، وأخرج الكلام مخرج الإشارة والوحي، وإذا خاطب بني إسرائيل أو حكى عنهم أسهب وأطنب فمما خاطب به أهل مكة قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ} (73) سورة الحـج.
وقلما تَجدُ خِطاباً لبني إِسرائيل إلا وهو مسهب مطول، لأنَّ يهودَ المدينة كانوا يرون أنفسهم أهل علم وأهل كتاب فتجاوزوا الحد في المكابرة والعناد، وقد يكون القرآن الكريم نزَّلهم منزلة قصار العقول فأطنب في الحديث إليهم، ويشهد لهذا الرأي ما حكاه عنهم وعن مقدار معرفتهم بما في أسفارهم.
وللإيجاز مواطن يحسن فيها ، كالشكر والاعتذار والتعزية والعتاب إلى غير ذلك، وللإطناب مواضع كالتهنئة والصلح بين فريقين والقَصص والخطابة في أمر من الأمور العامة، وللذوق السليم القولُ الفصل في هذه الشئون.
أما الأمر الثاني: الذي يبحث فيه عِلْم المعاني فهو دراسة ما يستفاد من الكلام ضمناً بمعونة القرائن فإنه يريك أن الكلام يفيد بأصل وضعه معنًى، ولكنه قد يودي إليك معنى جديدًا يفهم من السياق وترشد إليه الحال التي قيل فيها، فيقول لك: إن الخبر قد يفيد التحسر، والأمر قد يفيد التعجيز، والنهي قد يفيد الدعاء، والاستفهام قد يفيد النفي، إلى غير ذلك مما رأيته مفصَّلاً في هذا الكتاب.
ويقول لك: إن الخبر قد يلقى مؤكدًا لخالي الذهن، وقد يلقَى غير مؤكد للمنكر الجاحد، لغرض بلاغي بديع، أراده المتكلم من الخروج عما يقتضيه ظاهر الكلام.
ويرشدك علمُ المعاني إلى أنَ القصر قد ينحو فيه الأديب مناحي شتى، كأن يتجه إلى القصر الإضافي رغبةً في المبالغة، فيقول المتفائل :
وما الدنيا سِوَى حُلمٍ لذيذ ……تُنَبِّهُهُ تَباشِيرُ الصباح
ويقول المتشائم :
هل الدَّهْرُ إلا ليلَةٌ طال سُهْدُها …تنفَّسُ عنْ يوْمٍ أحمَّ عصيبِ
وقد يكون من مرامي القصر التعريضُ كقوله تعالى: {أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ} (19) سورة الرعد ، إذ ليس الغرض من الآية الكريمة أن يعم السامعون ظاهر معناها، ولكنها تعريض بالمشركين وأنهم لفرط عنادهم وغلبة الهوى عليهم في حكم من لا عقل له.
ويَهديك علم المعاني إلى أن من أغراض الفصل في بعض أنواعه تقريرَ المعنى وتثبيته في ذهن السامع، كما في الفصل لكمال الاتصال وشبهه.
ولعل في هذه الكلمة الموجزة مَقنعاً في بيان ما لعلم المعاني من الأثر في بلاغة الكلام، وُمَا يمدُّه به الناشئ في الأدب من أساليب، وما يرسمُ له من طريق لحسن تأليفها في اختيار الأحوال والمواطن التي تقال فيها.

****************






البابُ الثالثُ- علمُ البديعِ

عرفتَ فما سبق أنَّ علم البيان وسيلة إلى تأْدية المعنى بأساليبَ عدة بين تشبيه ومجاز وكناية، وعرفت أن دراسة علم المعاني تُعِينُ على تأْدية الكلام مطابقاً لمقتضى الحال، مع وفائه بغرض بلاغيٍّ يفْهمُ ضمناً من سياقه وما يُحيط به من قرائن.
وهناك ناحية أخرى من نواحي البلاغة، لا تتناول مباحث علم البيان، ولا تنظر في مسائل علم المعاني، ولكنها دراسة لا تتعدى تزيين الألفاظ أو المعاني بألوان بديعة من الجمال اللفظي أو المعنويِّ، ويسمَّى العلمُ الجامع لهذه المباحث بعلم البديع. وهو يشتمل كما أشرنا على محسِّناتٍ لفظية، وعلى محسِّنات معنوية، وإِنا ذاكرون لك منْ كلِّ قسم طرفاً.
المحسِّناتُ اللفظيَّةُ
(1) الجنَاسُ
الأمثلةُ:
(1) قال تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ} (55) سورة الروم.
(2) وقال الشاعر في رثاء صغير اسمه يَحْيَى :
وَسَمَّيْتُهُ يَحْيَى لِيَحْيَا فَلَمْ يَكُنْ … …إِلى رَدِّ أمْرِ اللهِ فِيهِ سَبيلُ
--------
(3) وقال تعالى: فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (10) [الضحى/9-11].
(4) وقال ابن الفارض :
هَلاَّ نَهَاكَ نُهَاكَ عَنْ لَوْمِ امْرئٍ … …لَمْ يُلْفَ غَيْرَ مُنَعَّمٍ بِشَقَاءِ
(5) وقالت الخنساءُ من قصيدة تَرثي فيها أخاها صخرًا :
إِنَّ الْبُكاءَ هُوَ الشِّفَا … …ءُ مِنَ الجَوَى بَيْنَ الْجَوَانِح
(6) وقال تعالى حكايةً عنْ هَرون يخاطبُ موسى عليهما السلام :{قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي} (94) سورة طـه.
البحثُ:
تأَمل الأمثلة السابقة تجدْ في كل مثال كلمتين تجانس إحداهما الأخرى وتشاكلها في اللفظ مع اختلاف في المعنى؛ وإيرادُ الكلام على هذا الوجه يسمَّى جناساً.
ففي المثال الأول من الطائفة الأولى تجد أَن لفظ "الساعة" مكررٌ مرتين، وأن معناه مرةً يومُ القيامة، ومرة إحدى الساعات الزمانية، وفي المثال الثاني ترى "يَحْيى" مكررا مع اختلاف المعنى. واختلافُ كل كلمتين في المعنى على هذا النحو مع اتفاقهما في نوع الحروف وشكلها وعددها وترتيبها يُسمَّى جناساً تامًّا.
وإذا تأمَّلتَ كلَّ كلمتين متجانستين في الطائفة الثانية رأيت أنهما اختلفتا في ركن من أَركان الوفاق الأَربعة المتقدمة، مثل تقْهرْ وتَنْهَرْ، ونَهاكَ ونُهَاكَ. والجَوى والْجوانحِ، وبيْن وبَنى، على ترتيب الأَمثلة، ويُسمَّى ما بين كل كلمتين. هنا من تجانس جناساً غير تامٍّ.
والجناسُ في مذهب كثير من أهل الأدب غيرُ محبوب؛ لأَنه يؤدي إلى التعقيد، ويَحول بين البليغ وانطلاق عِنانه في مضمار المعاني اللهم إِلا ما جاءَ منه عفوًا وسَمحَ به الطبعُ من غير تكلفٍ.
القاعدةُ:
(68) الجِنَاسُ أَنْ يَتَشَابَهَ اللفظانِ في النُّطْق وَيَخْتَلِفَا في الْمَعْنى. وهو نَوْعانِ:
(أ) تَامٌّ : وهو ما اتَّفَقَ فيه اللفظان في أمورٍ أَربعةٍ هيَ: نَوْعُ الحُروفِ، وشَكلُهَا، وعَدَدُها، وتَرْتيبُها.
(ب) غَيْرُ تَامِّ: وهو ما اخْتَلَفَ فيه اللفظان في واحدٍ مِنَ الأمور الْمُتَقَدِّمة.
تمريناتٌ
(1)في كلِّ مثالٍ منَ الأمثلة الآتية جناسٌ تامٌّ، فبيًن موضعَه:
(1) قال أبو تمام :
ما مات مِنْ كرمِ الزمان فإِنَّه … …يحْيا لَدى يحْيى بْنِ عبد الله
21) قال أبو العلاءِ المعري :
لَمْ نَلْقَ غَيْرَكَ إِنْساناً يُلاذُ بهِ … …فَلا برحْتَ لِعيْنِ الدهْر إِنْسانا
(3) قال أبو الفتح البُسْتِيُّ :
فَهمْتُ كتَابك يا سيِّدِي… فَهمْتُ ولاَ عجبٌ أنْ أهِيما
(4) وقال يمدح سيف الدولة :
بسيفِ الدَّوْلة اتَّسقَتْ أمُورٌ … …رأَيْنَاها مُبدَّدَةَ النَّظَام
سَمَا وحَمَى بني سامٍ وحامٍ Cool فليسَ كمثلهِ سامٍ وحامِ
(5) وقال أبو نُواس :
عبَّاسُ عبَّاسٌ إِذَا احتَدَم الوغَى … …والفَضْلُ فَضْلٌ والربيعُ ربيعُ
(2)في كلِّ مثالٍ منَ الأمثلة الآتية جناسٌ غيرُ تامٍّ، فوضحْه وبيِّنْ لم كان غيرَ تامٍّ؟
(1) قال تعالى: {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ ..} (83) سورة النساء.
(2) وقال تعالى: {وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِن يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} (26) سورة الأنعام.
(3) وقال ابن جُبير الأندلسي :
فَيا راكِبَ الوجْنَاءِ هل أنْت عالِمٌ … …فِداؤُكَ نَفْسِي كيْفَ تلكَ المَعالِمُ
(4) وقال الحريري يصِفُ هُيام الجاهل بالدنيا :
ما يستَفِيقُ غراماً … …بهَا وفَرْطَ صَبَابَهْ
ولوْ دَرى لَكفَاهُ Cool مما يَرومُ صُبابَهْ
(5) وقال عبد الله بن رواحةَ يمدحُ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلم، وقيل إنه أمدح بيت قالته العربُ :
تحْمِلهُ النَّاقةُ الأدْماءُ مُعْتَجِرًا … …بالبُردِ كالبدْرِ جلَّى نُورُهُ الظُّلَمَا
(3)بيِّنْ مواضعَ الجناسِ فيما يأْتي وبينْ نوعه في كلِّ مثالٍ:
(1) قال البحتري في مطلع قصيدة :
هلْ لِما فات مِن تَلاَقٍ تلاَفي … …أمْ لِشاكٍ مِن الصَّبابةِ شافي
(2) وقال النابغة في الرثاء :
فَيالَك مِنْ حزْمٍ وعزْمٍ طَواهُما … …جدِيدُ الرَّدَى بيْن الصَّفا والصَّفائح
(3) وقال البحتري :
نَسيمُ الرّوْضِ في رِيحٍ شَمَالٍ، وَصَوْبُ المُزْنِ في رَاحٍ شَمُولِ
(4) وقال الحريري :
لا أُعْطي زمامي من يُخْفرُ ذِمامي ،ولا أغرِسُ الأيادي. في أرضِ الأعادي.
(5) وقال : لهُمْ في السيرِ جِرْيَةُ السّيلِ. والى الخيرِ جرْيُ الخَيلِ
(6) قال البحتري :
فَقِفْ مُسعِداً فيهِنّ، إن كنتَ عاذِراً، وَسِرْ مُبعِداً عَنهُنّ، إنْ كنتَ عاذِلا
(7) وقال أبو تمام :
بيضُ الصفَائح لا سُودُ الصَّحائِفِ في … …مُتُونِهن جلاءُ الشَّكِّ والريبِ
(8) وقال تعالى: {ذَلِكُم بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ} (75) سورة غافر.
(9) وقال عليه الصلاة والسلام : « الْخَيْلُ مَعْقُودٌ بِنَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ .». .
(10) وقال حسان بن ثابت رضي الله عنه :
وكُنّا مَتَى يَغْزُ النبيُّ قبيلَة ً، نصلْ حافتيهِ بالقنا والقنابلِ
(11) وقال أبو تمام :
يَمُدُّونَ مِنْ أَيْدٍ عَوَاصٍ عَواصِمٍ تصُولُ بأسيافٍ قواضٍ قواضبِ
(12) لا تُنالُ الغُرَرُ إِلا بركوب الغرَر .
(4)هاتِ مثالين منْ إنشائك للجناس التامِّ، ومثالين آخرين لغير التام، وراع ألاَّ يظهرَ في كلامك أَثرٌ للتكلف.
(5)اشرحْ قولَ أبي تمام وبينْ نوعَ الجناس الذي فيه :
ولَمْ أَرَ كالمَعْرُوفِ تُدْعَى حُقُوقُه مَغَارمَ في الأقَوامِ وَهْيَ مَغَانِمُ
==============











(2) الاِقْتِباسُ
الأمثلةُ:
(1) قال عبد المؤمن الأصفَهانيُّ :
لا تَغُرَّنَّكَ مِنَ الظَّلَمَةِ كثرُة الجيوش والأَنصار {إِنما نُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأبصَارُ} .
(2) وقال ابن سناء المُلك :
رَحَلُوا فَلَستُ مُسَائِلاً عَنْ دَارهِمْ … …أنَا "بَاخِعٌ نَفْسِي عَلَى آثَارَهِمْ "
(3) وقال أبو جعفر الأندلسيُّ الغرناطي :
لا تُعادِ النَّاسَ في أَوْطانِهمُ Cool قَلَّما يُرْعى غَريبُ الوَطَنِ
وإذا ما شئتَ عَيْشاً بينهُمْ Cool خالِقِ النَّاسَ بخُلْقٍ حَسَنِ "
البحثُ:
العبارتانِ اللتانِ بينَ الأقواس في المثالين الأَولين مأْخوذتانِ من القرآن الكريم، والعبارة التي بين قوسين في المثال الثالث من الحديث الشريف، وقد ضمَّن الكاتبُ أو الشاعر كلامه هذه الآثار الشريفة من غير أن يُصرَّح بأنها من القرآن أو الحديث وغرضه من هذا التضمين أن يسْتعِيرَ من قوتها قوة، وأن يكشف عن مهارته في إِحكام الصلة بين كلامه والكلام الذي أخذه، وهذا النوع يسمَّى اقتباساً، وإِذا تأملتَ رأَيتَ أن المُقْتَبس قد يُغَيِّر قليلاً في الآثار التي يقْتَبِسُها كالمثال الثاني إِذ الآية:{فَلعلَّكَ باخِعٌ نَفْسكَ على آثارهِمْ}.
القواعدُ
(69) الاقْتِباسُ: تَضْمِينُ النَّثْر أو الشِّعر شَيْئاً مِنَ الْقُرآن الكريم أو الحديثِ الشريفِ مِنْ غَيْر دلالةٍ عَلَى أنَّهُ منهما، ويَجُوز أنْ يُغَيِّرَ في الأَثَر المُقْتَبِس قَليلاً.
تمريناتُ
بيِّنْ في كلِّ اقتباس مما يأتي حُسْنُ تأتَّي البليغ في إِحكام الصلة بين كلامه والكلام المُقتَبس:
(1) اغتنم فودك الفاحمَ قبل أن يبْيضَّ، فإنما الدُّنيا "جدارٌ يريد أن ينقض ".
(2) وكتب القاضي الفاضل في الرد على رسالة:
وردَ على الخادِم الكتابُ الكريمُ فشكره "وقَرَبه نَجيًّا "ورفعه "مكاناً عليًّا" ، وأَعاد عليه عصرُ الشباب "وقدْ بلَغَ مِن الكِبر عِتِيًّا ".
قال في حمام الزَّاجل:
وقد كادت أن تكونَ من الملائكةِ فإذا نيطَتْ بها الرِّقاع صارت "أولِى أجْنِحةِ مثْنَى وثُلاَثَ ورباع" .
(4) ومن كتاب لمُحْيي الدين عبد الظاهر :
لا عدِمتِ الدولة بيضَ سيوفهِ التي "يَرى بها الَّذِين كَذبُوا على الله وجُوههُم مُسْودَّة" .
(5) وقال الصاحب :
أَقُولُ وَقدْ رأَيْتُ لَهُ سَحابًا … مِنَ الهجْرانِ مُقْبِلَةً عليْناَ
وقدْ سَحَّتْ عَزَاليها بهَطْلٍ Cool حَوَالينَا الصُّدُودُ ولا علينَا
(6) وقال الشاعر :
رُبَّ بخيلٍ لَوْ رأى سائلاً … …لَظَنَّهُ رُعْباً رسُولَ المنُونِ
لاَ تطْمعوا في النَّزْرِ من نَيْله … …"هيْهات هيْهَاتَ لما تُوعدون"
(2)اقتبسِ الآياتِ الكريمةَ الآتيةَ مع إجادة الاقتباس وإِحكامه:
(1) قال تعالى : {.. إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ..} (13) سورة الحجرات
(2)و قال تعالى : {.. وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ .. } (43) سورة فاطر.
(3) و قال تعالى : {..قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ..} (9) سورة الزمر.
(4) و قال تعالى : {..وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ } (14) سورة فاطر.
(5) و قال تعالى : {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ..} (10) سورة الحجرات.
(3)صُغْ عباراتٍ تَقْتَبِسُ في كلٍّ منها حديثاً من الأَحاديث الشريفةِ الآتية مع العناية بحسنِ وضعها:
(1) « كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ » .
(2) « إِذَا لَمْ تَسْتَحِى فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ » .
(3) « الظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ » .
(4) « الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ .. » .
(4)اشرح قول ابن الرومي في الهجاء ، وبينْ حسن اقتباس فيه :
لَئن أخْطأْتُ في مدْحِيـ … …ـكَ ما أخْطَأْتَ في منْعي
لَقَدْ أَنزلتُ حاجاتي … …"بوادٍ غَيْر ذِى زَرْعٍ"
===============

(3) السَّجْعُ
الأَمثلةُ:
(1) عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلاَّ مَلَكَانِ يَنْزِلاَنِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا ، وَيَقُولُ الآخَرُ اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا » .
(2) وقال أعرابيٌّ ذَهَبَ بابنه السَّيْل:اللهُمَّ إنْ كنْتَ قَدْ أبْلَيْتَ، فَإنَّكَ طَالَمَا قَدْ عَافَيْتَ .
--------
(3) الحُرُّ إذَا وَعَدَ وَفَى، وإِذَا أعَانَ كَفَى، وإِذَا مَلَكَ عَفَا.
البحثُ:
إذا تأملت المثالين الأولين وجدت كلاًّ منهما مركباً من فِقْرتَين متحدتين في الحرف الأَخير، وإذا تأَملت المثال الثالث وجدته مركباً من أكثر من فقرتين متماثلتين في الحرف الأَخير أيضاً، ويسمَّى هذا النوع من الكلام سجعا . وتسمَّى الكلمة الأخيرة منْ كل فقرة فاصلةً، وتُسكَّن الفاصلةُ دائماً في النثر للوقف.
وأَفضلُ السجع ما تساوت فِقَرُه، ولا يحسنُ السجعُ إلا إِذا كان رصين التركيب، سليماً من التكلف، خالياً منَ التكرار في غير فائدة. كما رأَيت في الأمثلة.
القاعدةُ:
(70) السَّجْعُ:َوَافُقُ الْفَاصِلَتَيْن في الْحَرْفِ الأخِير ، وأَفْضَلهُ ما تسَاوَتْ فِقَرُهُ.
تمريناتٌ
(1)بيِّنِ السجعَ في الأَمثلة الآتية، ووضِّح وجوه حسنه:
(1) قال صلى الله عليه وسلم:"رحِم اللهُ عبْدًا قال خَيْرًا فغنم، أوْ سكتَ فسلِم" .
(2) قال الثعالبيُّ : الحِقْدُ صدأُ القلوب، واللَّجاجُ سببُ الحروب .
(3) وقال الحريري :ارتفاعُ الأخطارِ، باقتحامِ الأَخطار .
(4) وقال بعض البلغاء:الإِنسانُ بآدابه، لا بزيَّه وثيابهِ.
(5) وقال أعرابيٌّ لرجل سأَل لئيماً:نَزَلْتَ بوادٍ غَيْر ممْطورٍ، وفناءِ غَيْر معمورٍ، ورجُلٍ غير ميْسورٍ، فأَقمْ بنَدمٍ، أَو ارتحلْ بعدمٍ .
(6) وقال أَعربيٌّ: باكَرَنَا وسْميُّ ، ثم خَلَفه ولِيُّ ، فالأَرضُ كأَنها وشيٌ منْشورٌ، عليه لؤلؤٌ منثورٌ، ثم أَتتنا غيومُ جرادٍ، بمناجلَ حصادٍ، فَجَردتِ البلادَ، وأَهلكتِ العبادَ، فسبحانَ منْ يُهلك القويَّ الأَكولَ بالضعيفِ المأْكولِ .
(2)(أجب عما يلي) :
(1) اِقرأ الرسالة الآتية، وبيِّن جمالَ السجع فيها، ثم حُلّها وابْنها بناءً آخر لا سجع فيه. كتب ابن الرومي إلى مريض :أذنَ الله في شفائِك، وتلقَّى داءَك بدوائك، ومسحَ بيدِ العافية عليك، ووجَّه وفدَ السلامِة إليك، وجعل عِلَّتَك ماحيةً لذنوبك، مضاعفةً لمثوبتك.
(2) تفهَّمْ ما يأْتي وهو مما يُنسب إلى علي بن أبي طالب كرم اللهُ وجهَه، ثم حُلَّه وابْنِه بناءً آخر مسجوعاً:
اتَّقِ اللهَ فِي كُلِّ صَبَاح وَمَسَاء، وَخَفْ عَلَى نَفْسِكَ الدُّنْيَا الْغَرُورَ، وَلاَ تَأْمَنْهَا عَلَى حَال، وَاعْلَمْ أَنَّكَ إِنْ لَمْ تَرْدَعْ نَفْسَكَ عَنْ كَثِير مِمَّا تُحِبُّ، مَخَافَةَ مَكْرُوهِهِ، سَمَتْ بِكَ الاَْهْوَاءُ إِلَى كَثِير مِنَ الضَّرَرِ.
(3)بيِّن أمِن المسجوع أم مِنَ المُرسلِ ما يأْتي ووضِّح السببَ:
كتب هشام لأخيه وكان أظهر رغبته في الخلافة:
أما بعد، فقد بلغني اسْتثْقَالُك حياتي، واستبطاؤك مماتي، ولعَمري إنك بعدي لواهي الْجَنَاح، أجذَمُ الكفِّ، وما استوجبتُ منك، ما بلغني عنك.
================












المحسناتُ المعنويةُ
(1) التوريةُ
الأمثلةُ
(1) قال سِرَاجُ الدين الوَرَّاق :
أصُونُ أديمَ وجهي عَن أُنَاس … …لقاءُ الموتِ عِنْدهُم الأديبُ
وَرَبُّ الشعر عندهُمُ بَغِيضٌ … …وَلَوْ وَافَى بهِ لَهُمُ "حبَيبُ"
(2) وقال نَصِيرُ الدين الحَمَّامي :
أبْيَاتُ شِعْرك كالقُصـ … …ـور ولا قُصُورَ بهَا يَعوقْ
ومنَ العجَائبِ لَفْظُها … …حُرٌّ ومعناها "رَقيقْ "
(3) وقال الشَّابُّ الظريف :
تَبَسَّمَ ثغْرُ البانِ عَنْ طِيبِ نَشْرِهِ Cool وأَقْبَلَ في حُسْنٍ يَجِلُّ عن الوَصْفِ
هَلُمُّوا إِليه بَينَ قَصْفٍ ولَذَّةٍ …فإِنَّ غصونَ الزَّهْر تَصْلُحُ "للقَصْفِ"
البحثُ:
كلمة "حَبيبٍ" في المثال الأول لها معنيان: أحدهما المحبوب وهو المعنى القريب الذي يتبادر إلى الذهنْ بسبب التمهيد له بكلمة "بغيض"، والثاني اسم أبي تمام الشاعر وهو حبيبُ بنُ أَوْس، وهذا المعنى بعيد. وقد أَراده الشاعر ولكنه تَلطف فَورَّى عنه وستره بالمعنى القريب. وكلمة "رقيق" في المثال الثاني لها معنيان: الأول قريب متبادر وهو العبد المملوك وسببُ تبادُره إلى الذهن ما سبقه من كلمة "حُرّ"، والثاني بعيد وهو اللطيف السهل. وهذا هو الذي يريده الشاعر بعد أَن ستَره في ظل المعنى القريب. وكلمة "القَصْفِ" في المثال الثالث معناها القريب الكسْر، بدليل تمهيده لهذا المعنى بقوله: "فإنَّ غصون الزهر" ومعناها البعيد اللعب واللهو، وهذا هو المعنى الذي قصد إليه الشاعر بعد أَن احتال في إخفائه ويسمَّى هذا النوع من البديع تورية، وهو فنٌّ بَرَعَ فيه شعراء مصر والشام في القرن السابع والثامن من الهجرة، وأَتوْا فيه بالعجيب الرائع الذي يدلُّ على صفاءَ الطبع والقدرة على اللعب بأَساليب الكلام.
القاعدةُ:
(71) التَّوْريَةُ : أَنْ يَذْكُرَ المتكلِّمُ لَفْظاً مُفْردًا له مَعْنَيانِ، قَريبٌ ظاهِر غَيْرُ مُرَادٍ ، وَبَعيدٌ خَفيٌّ هُوَ المُرادُ.
تمريناتٌ
(1)اشرح التوريةَ في كلِّ مثال من الأَمثلة شرحاً وافياً:
(1) قَال سراجُ الدين الورَّاق :
كمْ قَطع الْجُنُودُ من لِسانٍ … …قلَّدَ مِنْ نظْمِهِ النحُورا
فَها أَنَا شَاعرٌ سِراجٌ … …فاقْطَعْ لِساني أَزِدْكَ نُورا
(2) وقال أيضاً :
يا خَجْلَتي وصحائِفي سودٌ غَدتْ … …وصحائِفُ الأبرار في إشراق
ومُونِّب لِي في القيامةِ قال لي … …أكَذَا تكون صحائفُ "الورَّاق؟"
(3) وقال أبو الحسين الجزار :
كيْفَ لا أشكرُ الجِزارَة ما عِشْـ … …ـتُ حِفاظاً وأهْجُرُ الآدابا؟
وبها صارت الْكلابُ تُرجِّيـ … …ـني وبالشِّعْر كُنتُ أَرجُو الكلابا
(4) وقال بدْرُ الدين الذهبيُّ :
رِفْقاً بخٍِّل ناصح … …أَبلَيْتَهُ صَدًّا وهَجْرا
وافاك سائلُ دمْعِهِ … …فَرددْتَهُ في الحال نَهْرا
(5) وقال الشاعر :
يا عاذلى فيه قلْ لي … …إِذا بَدَا كَيْف أَسْلُو؟
يمُرُّ بي كل وقْتٍ … …وكلَّما مرَّ يحلُو
(6)و قال الشاعر :
ورياضٍ وقفَتْ أشْجارُها … …وتمشَّتْ نسْمةُ الصُّبحِ إِليها
طَالعتْ أوْراقَها شَمْسُ الضُّحا … …بعْد أَنْ وقَّعتِ الوُرْقُ عليها
(7) قال الشاب الظريف :
قَامَتْ حُرُوبُ الزَّهْرِ ما بينَ الرِّياضِ السُّندُسيَّهْ
وأتتْ جُيوشُ الآسِ تَغْـ ـزو روضة َ الورد الجنيَّهْ
لكِنَّها كُسِرَتْ لأنَّ الوردَ شوطتُهُ قويَّهْ
(8) وقال نصِيرُ الدِّين الحمَّاميُّ :
جُودُوا لنَسْجَع بالمديـ … …ـحِ على عُلاكُمْ سَرْمدَا
فالطيرُ أَحسن ما تغـ … …ـرِّدُ عِنْد ما يقَعُ الندَى
(9) وقال سراج الدين الورَّاق :
وقفْتُ بأَطلال الأَحِبَّةِ سائلا… …ودمْعيَ يَسْقي ثَمَّ عهدا ومعْهَدَا
ومِنْ عجب أَنِّي أُروِّى دِيارهُمْ … …وحظِّي مِنها حين أَسْأَلها الصَّدَى
(10) وقال ابن الظاهر :
شُكْرًا لِنَسمةِ أَرْضِكم … …كم بَلَّغَتْ عنِّى تَحِيهْ
لا غرْوَ إِن حفِظَت أَحا … …ديثَ الهوى فهي الذَّكِيَّهْ
(11) وقال ابن نُباتُه المصري :
والنَّهْرُ يُشْبهُ مِبْردًا … …فِلأَجْل ذَا يجْلُو الصَّدَى
(2) لكلٍّ منَ الأَلفاظ الآتية أَكثرُ من معنًى، فاستعمل كلَّ لفظٍ في مثالٍ للتورية:
الجَدُّ حكَى . الراحةُ . القُصُورُ. عفَا .قضَى . الجُفُونُ .
(3)في أَيِّ شيءٍ تُوافقُ التوريةَ الْجنَاسَ التامَّ، وفي أَي شيءٍ تخالفهُ؟ مثِّل بمثال للتوريةِ، ثم حوله إلى الجناس التامِّ.
(4) هل تستطيعُ أن تضعَ كلمةَ التورية في العبارات الآتية
(1) اشتدَّ حزنُ الرياضِ على الربيع وَجَمَدتْ Cool
(2) الحمَامُ أَبلغ منَ الكتاب إذا Cool
(3) قلبي جارُهم يوم رَحلوا ودمعي Cool
(5)اشَرحْ قول ابن دَانْيال طبيبِ العيون وبيِّن ما فيه منْ حلاوة التورية :
يا سائلِي عنْ حِرْفتي في الورَى … …وا ضَيْعتي فيهم وإِفلاسي!
ما حالُ منْ دِرْهَمُ إنْفاقِهِ … …يأْخذُه منْ أَعْينِ الناسِ؟
================





(2) الطِّباقُ
الأمثلة:
(1) قال تعالى: {وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ ..} (18) سورة الكهف .
(2) وقال صلى الله عليه وسلم : "خَيْرُ الْمَالِ عَيْنٌ سَاهِرَة لِعَيْنٍ نَائمة" .
--------
(2) وقال تعالى: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ ..} (108) سورة النساء.
(4) وقال السموءَل :
ونُنكِرُ إن شِئنا على النّاسِ قولَهم ولا يُنكِرونَ القولَ حينَ نَقولُ
البحثُ:
إِذا تأَملت الأمثلةَ المتقدمةَ، وجدت كلا منها مشتملاً على شيءٍ وضده، فالمثال الأول مشتمل على الكلمتين: "أيقاظاً" و "رقود" والمثال الثاني مشتمل على الكلمتين: "ساهر" و "نائمة".
أما المثالان الأَخيران فكل منهما مشتمل على فعلين من مادة واحدة أَحدهما إيجابي والآخر سَلبي، وباختلافهما في الإيجاب والسلب صارا ضدين، ويسمَّى الجمع بين الشيءِ وضده في الأَمثلة المتقدّمة وأَشباهها طباقاً، غير أَنه في المثالين الأَولين يدعَى "طباق الإيجاب" وفي المثالين الأخيرين يدعَى "طباق السلب".
القَاعدةُ:
(72) الطِّباقُ :الْجَمْعُ بَيْنَ الشَّيْءِ وضِدّه في الكلام، وهوَ نَوْعان:
(أ) طِبَاقُ الإيجاب: وَهُو ما لَمْ يَختَلِفْ فِيهِ الضدَّان إِيجَاباً وَسَلْباً.
(ب) طِباَقُ السَّلبِ: وَهُو ما اخْتَلَف فِيه الضِّدان إِيجَاباً وسَلْباً.
تمريناتٌ
(1)بيِّن مواضعَ الطباقِ في الأمثلة الآتية، ووضحْ نوعه في كل مثال:
(1) قال تعالى :{أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ ..} (122) سورة الأنعام.
(2) وقال دِعْبل الخُزاعيُّ :
لا تعجبي يا سلْمُ مِنْ رجُلٍ ضَحِكَ المشِيبُ برأسِهِ فَبكَى
(3) وقال الشاعر :
على أنني راضٍ بأنْ أَحْمِلَ الهوَى وأَخْرُجَ مِنْهُ لاَ عليّ ولا لِياَ
(4) وقال البحتريُّ :
تُقَيّضُ لي من حيثُ لا أعلَمُ النّوَى، وَيَسْرِي إليّ الشّوْقُ من حَيثُ أعلَمُ
(5) وقال المُقنَّع الكندِيُّ :
لهُمْ جُلُّ مالِي إنْ تَتابِعَ لِي غنىً Cool وإنْ قَلَّ مالِي لَمْ أُكَلِّفْهُمُ رِفْدا
(6) وقال تعالى: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (6) يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآَخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ (7) ْ [الروم/6-8]
(7) وقال تعالى :{لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ..َ} (286) سورة البقرة.
(8) وقال السموءَل بن عادياء :
سَلِي، إِنْ جَهِلْت، النَّاسَ عَنَّا وعَنْهُمُ Cool فلَيْسَ سَواءً عالِمٌ وجَهُولُ
(9) وقال الفرزدق يهجو بني كُلَيْب :
قَبَحَ الإلَهُ بَني كُلَيْبٍ إنّهُمْ لا يَغْدِرُونَ وَلا يَفُونَ لِجَارِ
(10) وقال أَبو صخْر الْهُذليّ :
أما والذي أَبْكَى وأَضْحَكَ، والذي Cool أماتَ وأَحْيا، والذي أَمْرُهُ الأَمْرُ
لقَدْ تَرَكَتْنِي أَحْسُدُ الوَحْشَ أَنْ أَرَىأَلِيفَيْنِ مِنْها لا يَرُوعُهُما الذُّعْرُ
(11) قال الحماسيُّ :
تأَخَّرْتُ أَسْتَبْقي الْحياةَ فَلَم أَجدْ … …لِنَفْسي حياةً مِثل أَنْ أَتَقَدّما
(2) اقرأ ما كتبه ابن بطوطة في وصف مصرَ وبيِّن جمالَ الطباقِ في أسلوبه :
هي مجْمعُ الوارد والصادر ، ومحطُّ رَحْل الضعيفِ والقادرِ، بها ما شِئتَ من عالِم وجاهِلٍ، وجادٍّ وهازلٍ، وحليمٍ وسفِيهٍ، ووضيعٍ ونبيهٍ، وشريفٍ ومشروفٍ، ومُنْكَرٍ ومعروفٍ، تمُوجُ موْج البحر بسكَّانها، وتكادُ تَضِيق بهم على سَعةِ مكانها.
(3) حول طباقَ الإيجابِ في الأمثلة الآتية إلى طباق السلبِ:
(1) العدوُّ يُظهرُ السيئةَ ويُخْفي الحسنةَ.
(2) ليس من الحزمِ أنْ تُحسِن إِلى الناس وتسيءَ إِلى نَفْسكَ.
(3) لا يليقُ بالمُحْسن أن يُعْطيَ البعيدَ ويمْنَعَ القريبَ.
(4) حول طباقَ السلب في الأمثلة الآتية إلى طباق الإيجاب:
(1) يَعْلم الإنسانُ ما في اليومِ والأمسِ، ولا يعلمُ ما يأتي به الغدُ.
(2) اللئيمُ يعْفُو عند العجزِ، ولا يعفو عند المقدرةِ.
(3) أحبُّ الصدقَ ولا أحبُّ الكذبَ.
(5)(أجب عما يلي ) :
(1) مثِّلْ لكلٍّ من طباق الإيجاب وطباق السلب بمثالين من إنشائك.
(2) هات مثالين لطباق الإيجاب، ثم حولهما إلى طباق السلب.
(3) هات مثالين لطباق السلب، ثم حولهما إلى طباق الإيجاب.
(6)اشرح البيت الآتي، وبيِّن نوع الطباق به قال الفرزدق :
والشَّيْب ينْهَضُ في الشَّبابِ كأَنه لَيْلٌ يَصِيحُ بِجانِبَيْهِ نَهارُ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://al-bowah.forumarabia.com
 
البلاغة الواضحة الجزءاالثامن
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» البلاغة الواضحة الجزءاالسابع
» البلاغة الواضحة الجزءالتاسع
» البلاغة الواضحة الجزءالثالث
» البلاغة الواضحة الجزءالرابع
» البلاغة الواضحة الجزءالخامس

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى ابـــــــــــــــــــــن البواح الثقافـــــــــــــــــــــــــي :: منتدى الكتب العلمية-
انتقل الى: