فما وجْدُ أعرابية قذفتْ بها
صرُوفُ النَّوَى من حيث لم تَكُ ظنَّتِ
إذا ذكرت نجداً وطيب ترابه
وأهلاً بنَجْدٍ أعْوَلَتْ وأَرنَّتِ
...بأكثر منّي حُرْقةً وصبابةً
إلى هضباتٍ باللِّوى قدْ أظلَّتِ
تمنَّتْ أحاليب الرِّعاءِ وخيمةً
بنجد فلم يُقْدَرْ لها ما تَمَنَّت
إذا ذكرت ماءَ العضاء وخيمةً
وبرد الضحى من نحو نَجدٍ أرَنَّتِ
لها أنّةٌ قبل العِشاء وأَنةٌ
سُحَيْرَاً فلولا أنَّتاها لَجُنَّتِ
تلك الأبيات الرائعه سمعتها من الشيخ صالح المغامسي حفظه الله
وقد رسخ البيت الأخير في ذهني حتى أني أردده كثيرا....
وقد بحثت عن مناسبة تلك الأبيات وأحببت أن أنقلها هنا للاطلاع والفائدة
الأعرابية التي كان يهواها بعض خلفاء بني العباس ، فتزوج بها ، فلم يوافقها هواء البلاد ، فلم تزل تنحل وتعتل وتتأوه
مع ما هي عليه من النعيم واللذة والأمر والنهي
فسألها عن شأنها فأخبرته بما تجد من الشوق إلى البراري ، وأحاليب الرعاء ، وورود المياه التي تعودت ، فبنى لها قصرًا
على رأس البرية بشاطئ الدجلة سماه
المعشوق ، يقابل مدينة سامرا من الجانب الآخر ،
وأمر بالأغنام والرعاء أن تسرح , بين يديها وتتراءى أمامها ، فلم يزدها ذلك إلا اشتياقًا إلى وطنها ، فمر بها يومًا
في قصرها من حيث لا تشعر بمكانه ، فسمعها تنتحب وتبكي حتى ارتفع صوتها وعلا شهيقها ،
وكبد الخليفة يتقطع رحمة فسمعها تقول تلك الأبيات
فخرج عليها الخليفة وقال : قد قضي ما تمنيت ، فالحقي بأهلك من غير
طلاق ، فما مر عليها وقت أسرَّ من ذلك ، وسرى ماء في وجهها من حينها ، فعجب
الخليفة ، والتحقت بأهلها بجميع ما كان عندها في قصرها ، وكان الخليفة يهواها
ويغشاها في أهلها إذا تصيد