الاعجازالبلاغي في القران الكريم
يقول الله سبحانه وتعالى (وقلنا ياادم اسكن انت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولاتقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين)سورة البقرة الاية 35
نلاحظ ان كلمة اسكن انت وزوجك كان في تخيل من يريد التعبير عن مثل هذا المعنى كان ممكن ان يقول اسكنا على غرار كلا -شئتما-تقربا-فتكونا )فاللفظ كان مدمجين لادم وزوجته عليهما السلام
هذا الفصل لم يات عبثا انما جاء لغاية مهمة جدا يكشف الحقيقة عنها المتابع والمتاني لالفاظ القران الكريم وقد تكلم العلماء عن هذه الاية وبالاصح هذه المسالة
يقول بعض العلماء في مثل هذا الموقف والموضوع :
مسالة السكنى قصد بها ادم عليه السلام بحكم انه هو المسؤول الاول والمباشر فالرجال قوامون على النساء اما زوجة ادم فهي تابعة له في هذه القضية -اي السكنى-
اما الامر بالاكل والنهي عن الاقتراب فهما متساويان ,ولذلك جاء الضمير لهما معا , وحينما ينظر الى مثل هذا الموضوع فانه يكشف عن تبعية الزوجة للزوج في قضية السكنى وهو المعني بها في الدرجة الاولى , امامسالة مايتبع بعد ذلك من امور فقد تم الدمج لتساوي الطرفين, وهذا ايضايعطي المسؤولية الكبرى للزوج في الامر والشاهد على ذلك ماجاء في قوله تعالى في التعبير عن مسؤولية ادم عليه السلام وزوجته تابعة له
حينما يوقف المتامل عند هذه القضية وينظر اليها في مواقف اخرى في القران الكريم تجده يؤيد هذه الظاهرة مثلا عندما تقرا قوله عزوجل في سورة طه (فقلنا يادم ان هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى)-الاية117
لاحظ :عدو لك ولزوجك : كان يقول عدو لكما لكن المقصود بالدرجة الاولى هو ادم عليه السلام وزوجته تبع له
وقوله تعالى : (اذهب انت واخوك باياتي ولا تنيا في ذكري (42) اذهبا الى فرعون انه طغى (43)-سورة طه
لاحظ ان التركيزعلى التفاوت بين المتعاطفات فيكون الثاني تابع للاول وقوله تعالى : (وانه لذكر لك ولقومك وسوف تسالون )كان يقول لذكر لكما ،لك - اي النبي صلى الله عليه وسلم - وقومه جاءوا بمثابة التابعين للنبي صلى الله عليه وسلم
جاءت الضمائر اللغوية في اللغة العربية لتحقيق الفصل- يعني عندما تقول جاءني رجل ورجل فالاحرى تقول جاءني رجلان وللجمع جاءني رجل ورجل ورجل تقول جاءني رجال
لاحظ وضع لفظ التثنية ليحقق الابتعاد عن التكرار الذي لا يحقق فائدة حيث ان التكرار يحقق فائدة للمتلقي لكن حينما تاتي لمثل هذه الظاهرة فانك تحقق فائدة وهي الابتعاد عن التكرار الممل ، وكذلك مسالة الجمع عبارة عن تعدد افراد لشي واحد لذلك تستطيع ان تقول الكتاب لكاتب وكاتب وكاتب وكذلك الموظفين لموظف وموظف وموظف هل تحققت الفائدة من الجمع؟
نقول ان التثنية والجمع هي اختصار للنطق المتعدد ، فكون المفردة والمفردة لاتاتيان مدمجتين هذا دليل على ذكر هذا الفصل بين المفردتين اللتين يمكن ان تدمجا لتتساوى بلفظة واحدة
كما هو الحال في ادم عليه السلام وزوجته فهو المقصود بالدرجة الاولى فيما يعبر عنه بالفصل وتكون الزوجة تابعة له
اما ماجاء بلفظ الدمج فهما متساويان فيه مثل -كلا ,شئتما, تقربا, يخرجنكما-
وحينما جاء التعبير في قوله تعالى (وانه لذكر لك ولقومك ) ايضا البي صلى الله عليه وسلم المقصود بالدرجة الاولى وقومه تبع له
هذه ظاهرة من الظواهر اللغوية التي يمكن ان يتلمسها من يتابع تعبيرات العرب في هذا الموضوع والقران الكريم ليس بعيدا عن هذا الذي علا الذروة من الفصاحة والبيان في مثل هذه المسالة
جمهور البلاغيين لايتحدثون عن هذه القضية بمثل هذا التفصيل وهذا لون من الانتصار ان صح التعبير لهذا الموضوع الذي خفت او اختفى في كثير من كتب البلاغيين ولعل منكما من يستفيد منه بل ان الموضوع الرئيسي الذي تطرق اليه الجمهور هو الفصل والوصل وجمهور البلاغيين يحددونه - اي الفصل والوصل - جل البلاغيين يحصروا ذلك في الجمل
ربنا انفعنا بما علمتنا وارزقنا علما وعملا صالحا
وصلى الله على نبينا محمدا وعلى اله وصحبه وسلم واخر دعوانا ان الحمدلله رب العالمين
حررفي غرة شهر صفر لسنة 1432للهجرة النبوية
حسن علي محمد بواح الاصلع