منتدى ابـــــــــــــــــــــن البواح الثقافـــــــــــــــــــــــــي
ابتسم وعيش الفرحة
مرحبا اخي الزائر في منتدى حسن علي اصلع بواح حللت اهلا ووطئت سهلا نرجو منك التسجيل في منتدانا او الدخول اذا كنت مسجلا من قبل نتمنى لكم اقامة عامرة
المدير التنفيدي / حسن علي اصلع بواح
منتدى ابـــــــــــــــــــــن البواح الثقافـــــــــــــــــــــــــي
ابتسم وعيش الفرحة
مرحبا اخي الزائر في منتدى حسن علي اصلع بواح حللت اهلا ووطئت سهلا نرجو منك التسجيل في منتدانا او الدخول اذا كنت مسجلا من قبل نتمنى لكم اقامة عامرة
المدير التنفيدي / حسن علي اصلع بواح
منتدى ابـــــــــــــــــــــن البواح الثقافـــــــــــــــــــــــــي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى ابـــــــــــــــــــــن البواح الثقافـــــــــــــــــــــــــي

سياسي - ثقافي - اجتماعي - ادبي
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الوسطية لغة واصطلاحا

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
حسن علي اصلع بواح
المدير العام
المدير العام
حسن علي اصلع بواح


عدد المساهمات : 616
نقاط : 31195
المستوى والانجاز : 3
تاريخ التسجيل : 09/02/2011
العمر : 34
الموقع : جده السعودية

الوسطية  لغة  واصطلاحا Empty
مُساهمةموضوع: الوسطية لغة واصطلاحا   الوسطية  لغة  واصطلاحا Icon_minitime1الخميس 6 أغسطس 2015 - 19:24

أولا : معنى الوسطية لغة :
الوسطية مأخوذة من مادة وسط ، وهى كلمة تدل على العدل والفضل والخيرية والنصف والتوسط بين الطرفين .
يقول ابن فارس : " الواو والسين والطاء بناء صحيح يدل على العدل والنصف ، وأعدل الشيء : أوسطه ووسطه " .
ويقول ابن منظور : " وسط الشيء وأوسطه : أعدله " .
ثانيا : الوسطية في الشرع :
جاءت الوسطية في الشرع بمعنى العدالة والخيرية ، والتوسط بين الإفراط والتفريط ، كما في قوله تعالى : وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا .

يقول ابن جرير الطبري : " الوسط هو الجزء الذي بين الطرفين ، مثل وسط الدار ، وقد وصف الله هذه الأمة بالوسط ؛ لتوسطها في الدين " .
وجاء في الحديث عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله ، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض ، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس ؛ فإنه أوسط الجنة أو أعلى الجنة . . . " .
يقول الحافظ ابن حجر : قوله : أوسط الجنة أو أعلى الجنة ، المراد بأوسط هنا : الأعدل والأفضل ، كقوله تعالى : وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا .
فالوسطية في الشرع تعني الاعتدال والتوازن بين أمرين أو طرفين بين إفراط وتفريط أو غلو وتقصير ، وهذه الوسطية إذن هي العدل والطريق الأوسط الذي تجتمع عنده الفضيلة .
وأهل السنة والجماعة يتميزون بالوسطية والاعتدال بين الفرق الأخرى التي تقف على طرفي نقيض ، فتجد إحداهما في أقصى اليمين مثلا وتقف الأخرى في أقصى اليسار ، وتظهر هذه الوسطية في

أبواب الاعتقاد ومسائله بعامة ، وأهل السنة والجماعة في بحثنا هذا وسط بين القدرية الذين لا يؤمنون بقدرة الله الكاملة ، ومشيئته - سبحانه وتعالى - الشاملة ، وخلقه لكل شيء ، وبين الجبرية الذين يجعلون العبد ليس له مشيئة ولا قدرة ولا عمل ، فيعطلون الأمر والنهي والثواب والعقاب .


المبحث الثاني : تعريف أهل السنة والجماعة .
أولا : تعريف السنة :
أ - السنة في اللغة : هي الطريقة والسيرة ، قال لبيد بن ربيعة - رضي الله عنه - في معلقته المشهورة :

مــــن معشـــر ســـنت لهـــم آبـــاؤهم ولكــــــل قــــــوم ســــــنة وإمامهــــــا

وقال الآخر :

رب وفقنــــــــي فلا أعــــــــدل عـــــــن ســـنن الســـاعين فـــي خـــير ســـنن

قال ابن منظور : " والسنة : السيرة ، حسنة كانت أو قبيحة ، قال خالد بن عتبة الهذلي :

فلا تجــزعن مـــن ســيرة أنــت ســرتها فــــأول راض ســـــنة مــــن يســــيرها


ب - السنة في الاصطلاح :
هي : الهدي الذي كان عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ، علما واعتقادا ، وقولا وعملا ، وهي السنة التي يجب اتباعها ، ويحمد أهلها ، ويذم من خالفها ، وتطلق السنة على سنن العبادات والاعتقادات ، كما تطلق على ما يقابل البدعة .
ولذلك قيل : فلان من أهل السنة ، معناه من أهل الطريقة المستقيمة المحمودة .
ومعنى أهل السنة : أنهم الذين اتبعوا سنة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - في كل ما جاء به وأمر ، وكل ما نهى عنه وزجر ، سواء في أمور العقيدة أو أمور الشريعة .
ثانيا : تعريف الجماعة :
أ - تعريف الجماعة في اللغة : الجماعة في اللغة : مأخوذة من مادة جمع ، وهى تدور حول الجمع والإجماع والاجتماع ، وهو ضد التفرق .
قال ابن فارس : " الجيم والميم والعين أصل واحد ، يدل على تضام الشيء ، يقال : جمعت الشيء جمعا " .
ب - الجماعة في الاصطلاح :
هم سلف الأمة من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، الذين اجتمعوا على الحق الصريح من الكتاب والسنة .
ثالثا : أهل السنة والجماعة وسبب تسميتهم بذلك .
أ - أهل السنة والجماعة :
هم من كان على مثل ما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ، وهم المتمسكون بسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - وهم الصحابة والتابعون وأئمة الهدى المتبعون لهم ، وهم الذين استقاموا على الاتباع وجانبوا الابتداع ، في أي مكان وزمان ، وهم الباقون المنصورون إلى يوم القيامة .
ب - سبب تسميتهم بذلك :
سموا بذلك لانتسابهم لسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - واجتماعهم على الأخذ بها ظاهرا وباطنا ، في القول والعمل والاعتقاد ، فهم اجتمعوا على الحق الثابت بالكتاب والسنة ، ولم يتفرقوا في الدين ، واتبعوا ما أجمع عليه سلف الأمة .

ولأهل السنة والجماعة أسماء أخرى يعرفون بها ، منها :
1 - أهل السنة ، دون إضافة الجماعة .
2 - أهل الجماعة .
3 - الجماعة .
4 - السلف الصالح .
5 - أهل الأثر : أي السنة المأثورة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
6 - أهل الحديث ؛ لأنهم هم الآخذون بحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - رواية ودراية ، المتبعون لهديه - صلى الله عليه وسلم - ظاهرا وباطنا .
7 - الفرقة الناجية ؛ لأنها تنجو من الشرور والبدع والضلالات في الدنيا ، وتنجو من النار يوم القيامة ؛ وذلك لاتباعها سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - .
8 - الطائفة المنصورة ، أي المؤيدة من الله سبحانه وتعالى .
9 - أهل الاتباع ؛ لاتباعهم الكتاب والسنة ، وآثار السلف الصالح


المبحث الثالث : تعريف القدر لغة وشرعا .
أولا : تعريف القدر لغة :
القدر لغة : بفتح الدال وإسكانها ، مصدر قدرت الشيء ، بفتح الدال مخففة أقدر قدرا ، ويقال فيه : قدرت تقديرا بتشديد الدال .
قال ابن فارس : القاف والدال والراء أصل صحيح يدل على مبلغ الشيء وكنهه ونهايته ، فالقدر : مبلغ كل شيء ، يقال : قدره كذا ، أي : مبلغه ، وكذلك : القدر ، وقال : والقدر : قضاء الله تعالى الأشياء على مبالغها ونهاياتها التي أرادها لها ، وهو : القدر أيضا .
وقال الجوهري : قدر الشيء : مبلغه ، وقدر الله وقدره بمعنى ، وهو في الأصل مصدر ، وقال الله تعالى : وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ، أي : ما عظموا الله حق تعظيمه ، وقدرت الشيء أقدره ،
وأقدره قدرا من التقدير ، وفي الحديث : إذا غم عليكم الهلال فاقدروا له أي : أتموا الثلاثين .
وقال الراغب : القدر والتقدير تبين كمية الشيء ، يقال : قَدَرته وقَدَّرته وقدَّره بالتشديد : أعطاه القدرة ، يقال : قدرني الله على كذا وقواني عليه . . .
والقدر : وقت الشيء المقدر له والمكان المقدر له ، قال تعالى : إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ ، وقال تعالى : فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا ، أي : بقدر المكان المقدر لأن يسعها .
ثانيا : تعريف القدر اصطلاحا .
قال النووي : " واعلم أن مذهب أهل الحق إثبات القدر ، ومعناه : أن الله - تبارك وتعالى - قدر الأشياء في القدم ، وعلم - سبحانه - أنها

ستقع في أوقات معلومة عنده - سبحانه وتعالى - وعلى صفات مخصوصة ، فهي تقع على حسب ما قدرها سبحانه وتعالى " .
وقد سئل الإمام أحمد بن حنبل عن القدر فأجاب بقوله : " القدر قدرة الله على العباد " .
وقد علق العلامة ابن القيم على تعريف الإمام أحمد فقال : " واستحسن ابن عقيل هذا الكلام جدا ، وقال : هذا يدل على دقة علم أحمد وتبحره في معرفة أصول الدين ، وهو كما قال أبو الوفاء ، فإن إنكار القدر إنكار لقدرة الله على خلق أفعال العباد وكتابتها وتقديرها ، وسلف القدرية كانوا ينكرون علمه بها وهم الذين اتفق سلف الأمة على تكفيرهم " .
وذكر الحافظ ابن حجر أن بعض العلماء عرف القضاء بأنه : " الحكم بالكليات على سبيل الإجمال في الأزل ، والقدر : الحكم بوقوع الجزئيات التي لتلك الكليات على سبيل التفصيل " .
وخلاصة القول في هذا ما قاله الخطابي حيث قال : " إنهما أمران لا ينفك أحدهما عن الآخر ؛ لأن أحدهما بمنزلة الأساس

والآخر بمنزلة البناء ، فمن رام الفصل بينهما فقد رام هدم البناء ونقضه " .
ويقول الراغب الأصفهاني : والقضاء من الله -تعالى - أخص من القدر ؛ لأنه الفصل بين التقدير ، فالقدر هو التقدير ، والقضاء هو الفصل والقطع ، وقد ذكر بعض العلماء أن القدر بمنزلة المعد للكيل والقضاء بمنزلة الكيل ، وهذا كما قال أبو عبيدة لعمر لما أراد الفرار من الطاعون بالشام : " أتفر من القضاء " ؟ قال : " أفر من قضاء الله إلى قدر الله " ، تنبيها أن القدر ما لم يكن قضاء فمرجو أن يدفعه الله ، فإذا قضي فلا مدفع له ، ويشهد لذلك قوله تعالى : وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا ، وقوله : كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا ، وقوله : وَقُضِيَ الأَمْرُ أي : فصل ، تنبيها أنه صار بحيث لا يمكن تلافيه

المبحث الرابع : معنى الإيمان بالقدر عند أهل السنة وأدلتهم على ذلك .
الإيمان بالقدر عند السلف - رحمهم الله تعالى - أصل من أصول الدين ، وركن من أركان الإيمان الستة التي لا يتم الإيمان إلا بالإيمان بها ، وهي الواردة في حديث جبريل - عليه السلام - الذي ورد فيه أن الإيمان هو : أن تؤمن بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر ، وتؤمن بالقدر خيره وشره .
ومعنى الإيمان عندهم بالقدر هو التصديق الجازم بأن كل شيء بقضاء الله وقدره السابق ، سواء كان صغيرا أو كبيرا ، حقيرا أو جليلا ، خيرا أو شرا ، حلوا أو مرا ، طاعة أو معصية ، وأنه - سبحانه وتعالى - فعال لما يريد ، لا يكون شيء إلا بإرادته ، ولا يخرج شيء عن مشيئته ، وأن كل أمر قد خط في اللوح المحفوظ وأنه - عز وجل - خالق أفعال العباد ، وعالم بجميع أحوالهم من الطاعات والمعاصي والأرزاق والآجال ، وأنه - سبحانه وتعالى - يهدي من يشاء برحمته ويضل من يشاء بحكمته ، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ، والإيمان بالقدر من الإيمان بالغيب الذي يجب على المسلم الإيمان به ، والإيمان بالقدر تحصل به سعادة العبد في الدنيا والآخرة ؛ لأن العبد إذا علم أنه لن يصيبه إلا ما كتبه الله له ، وأن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وما أخطأه

لم يكن ليصيبه ، اطمأن قلبه وتعلق بربه ، وصرف أمره إليه ، هذا مع ما في الإيمان بالقدر من تحقيق العبودية لله - عز وجل - وتعظيمه سبحانه وتعالى .
ويعتقد السلف : أن العبد فاعل حقيقة ، وله مشيئة وقدرة ، ولكنها لا تخرج عن مشيئة الله تعالى وقدرته .
كما يؤمنون بأن الله - تعالى - علم كل شيء وقدره ، وأنه قدر المقادير قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة ، وعلم أهل الجنة من أهل النار ، وأن كلا ميسر لما خلق له .
وقد دل على هذا كله الكتاب والسنة والإجماع .
قال تعالى : إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ، وقال تعالى : وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا ، وقال تعالى : وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ ، وقال تعالى : مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ .

ومن أحاديث المصطفى - صلى الله عليه وسلم - الدالة على القدر : حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : كل شيء بقدر حتى العجز والكيس .
ومنها : حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ، وفي كل خير ، احرص على ما ينفعك ، واستعن بالله ولا تعجز ، وإن أصابك شيء فلا تقل : لو أني فعلت كذا وكذا ، ولكن قل : قدر الله وما شاء فعل ؛ فإن " لو " تفتح عمل الشيطان .
ومنها : حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال : قالت أم حبيبة : اللهم متعني بزوجي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبأبي أبي سفيان ، وبأخي معاوية ، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إنك سألت الله لآجال مضروبة ، وآثار موطوءة ، وأرزاق مقسومة ، لا يعجل شيئا منها قبل حله ، ولا يؤخر منها شيئا قبل
(
حله ، ولو سألت الله أن يعافيك من عذاب في النار وعذاب في القبر لكان ذلك خيرا لك .
قال الإمام النووي : وفي هذه الأحاديث كلها دلالات ظاهرة لمذهب أهل السنة في إثبات القدر ، وأن جميع الواقعات بقضاء الله وقدره خيرها وشرها ونفعها وضرها .
ومن الآثار في هذا الباب ما أخرجه عبد الرزاق في مصنفه أن سلمان الفارسي - رضي الله عنه - سئل عن الإيمان بالقدر فقال : إذا علم الرجل من قبل نفسه أن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وما أخطأه لم يكن يصيبه ، فذلك الإيمان بالقدر .
وعن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال : إذا قضي الأمر من السماء عمله أهل الأرض ، وإن العبد لا يجد طعم الإيمان حتى يوقن أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه .

قال ابن بطة في سياق تقرير أصول السنة : ثم من بعد ذلك الإيمان بالقدر خيره وشره ، وحلوه ومره ، وقليله وكثيره ، مقدور واقع من الله - عز وجل - على العباد في الوقت الذي أراد أن يقع ، لا يتقدم الوقت ولا يتأخر على ما سبق بذلك علم الله ، وأن ما أصاب العبد لم يكن ليخطئه ، وما أخطأه لم يكن ليصيبه ، وما تقدم لم يكن ليتأخر ، وما تأخر لم يكن ليتقدم .
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية : مذهب أهل السنة والجماعة أن الله -تعالى - خالق كل شيء وربه ومليكه ، لا رب غيره ولا خالق سواه ، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ، وهو على كل شيء قدير ، وبكل شيء عليم ، والعبد مأمور بطاعة الله وطاعة رسوله ، منهي عن معصية الله ومعصية رسوله ، فإن أطاع كان ذلك نعمة ، وإن عصى كان مستحقا للذم والعقاب ، وكان لله عليه الحجة البالغة ، ولا حجة لأحد على الله تعالى ، وكل ذلك كائن بقضاء الله وقدره ومشيئته وقدرته ، ولكن يحب الطاعة ويأمر بها ، ويثيب أهلها
(
على فعلها ويكرمهم ، ويبغض المعصية وينهى عنها ، ويعاقب عليها ويهينهم ، وما يصيب العبد من النعم فالله أنعم بها عليه ، وما يصيبه من الشر فبذنوبه ومعاصيه ، كما قال تعالى : وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ، وقال تعالى : مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ ، أي : ما أصابك من خصب ونصر وهدى فالله أنعم به عليك ، وما أصابك من حزن وذل وشر فبذنوبك وخطاياك ، وكل الأشياء كائنة بمشيئة الله وقدرته وخلقه ، فلا بد أن يؤمن العبد بقضاء الله وقدره ، وأن يوقن العبد بشرع الله وأمره .

لمبحث الخامس : مراتب الإيمان بالقدر وأدلتها .
الإيمان بالقدر لا يقوم ولا يتم إلا بالإيمان بأربع مراتب قامت عليها الأدلة من كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وهي :
المرتبة الأولى : الإيمان بعلم الله - عز وجل - السابق بكل شيء :
علم - تبارك وتعالى - بما كان وما سيكون ، وما لم يكن لو كان كيف سيكون ، وقد أحاط - سبحانه - بكل شيء علما ، وهو عالم الغيب والشهادة ، لا يعزب عن علمه شيء ، فالواجب على العبد أن

يؤمن بأن الله - تعالى - قد علم ما الخلق عاملون بعلمه الذي هو موصوف به أزلا ، وعلم جميع أحوالهم من الطاعات والمعاصي والأرزاق والآجال والسعادة والشقاوة .
والأدلة الدالة على هذا الأمر كثيرة جدا منها :
قول الله تعالى : هُوَ اللَّهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ، وقوله : لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ، وقوله : وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ، ففي هذه الآية إثبات لعلم الله -تعالى - بعواقب الأمور أن لو وقعت كيف تكون عاقبتها ، فالله - عز وجل - علم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون ، ومن هذا المعنى أيضا قوله تعالى : وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ .
ومن هذا المعنى أيضا قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لما سئل

عن أولاد المشركين فقال : الله أعلم بما كانوا عاملين .
وكتابة الله - تعالى - للمقادير قبل خلقها دالة كذلك على علم الله - سبحانه - السابق ، كما سيأتي تفصيله قريبا إن شاء الله تعالى .
وقد كان علماء أهل السنة والجماعة إذا أرادوا أن يحاجوا القدرية احتجوا عليهم بالعلم ، فإن أنكروه كفروا ، وإذا أثبتوه خصموا ، ومن نصوصهم في ذلك :
ما قاله عمر بن عبد العزيز : " من أقر بالعلم فقد خصم " ، وقد قيل له : إن غيلان يقول في القدر كذا وكذا ، فمر به ، فقال : أخبرني عن العلم ؟ فقال : سبحان الله ! فقد علم الله كل نفس ما هي عاملة وإلى ما هي صائرة ، فقال عمر بن عبد العزيز : والذي نفسي بيده لو قلت غير هذا لضربت عنقك ، اذهب الآن

فاجهد جهدك .
وقال الدارمي بعد أن ذكر أن قوما أنكروا سابق علم الله في خلقه وما الخلق عاملون قبل أن يعملوا : " وهذا المذهب الذي ادعوه في علم الله قد وافقهم على بعضه بعض المعتزلة ؛ لأنه لا يبقى مذهب الفريقين جميعا إلا برد علم الله ، فكفى به ضلالا ؛ ولأنهم متى ما أقروا بعلم سابق خصموا ، كذلك قال عمر بن عبد العزيز " .

المرتبة الثانية : الإيمان بكتابة المقادير
وهي الإيمان بأن الله - تعالى - قد كتب في اللوح المحفوظ الذي لم يفرط فيه من شيء مقادير الخلق قبل أن يخلقهم ، فدخل في ذلك أعمال المكلفين ومصيرهم .
ومن الأدلة في ذلك من الكتاب : قول الله تعالى : مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ، وقوله : أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ،

وقوله : وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلا يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ، وقوله : وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ وَلاَ أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلاَ أَكْبَرَ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ .
وقال تعالى : وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (105) إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ .
يقول العلامة ابن القيم : " والزبور هنا جميع الكتب المنزلة من السماء ، لا تختص بزبور داود ، والذكر أم الكتاب الذي عند الله ، والأرض : الدنيا ، وعباده الصالحون : أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، هذا أصح الأقوال في هذه الآية ، وهي علم من أعلام نبوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنه أخبر بذلك بمكة ، وأهل الأرض كلهم كفار أعداء له ولأصحابه ، والمشركون قد أخرجوهم من ديارهم

ومساكنهم وشتتوهم في أطراف الأرض ، فأخبرهم ربهم تبارك وتعالى أنه كتب في الذكر الأول أنهم يرثون الأرض من الكفار ، ثم كتب ذلك في الكتب التي أنزلها على رسله ، والكتاب قد أطلق عليه الذكر في قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث : كان الله ولم يكن شيء غيره ، وكان عرشه على الماء ، وكتب في الذكر كل شيء ، فهذا هو الذكر الذي كتب فيه أن الدنيا تصير لأمة محمد - صلى الله عليه وسلم - " .
ومن الأدلة في ذلك من السنة حديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أول ما خلق الله القلم ، قال له : اكتب ، قال : وما أكتب ؟ قال : اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة .
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : كتب الله مقادير
الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة ، قال : وكان عرشه على الماء .
وعن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال : جاء سراقة بن مالك بن جعشم فقال : يا رسول الله ، بين لنا ديننا كأنا خلقنا الآن ، فيم العمل اليوم ؟ أفيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير أم فيما نستقبل ؟ قال : لا ، بل فيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://al-bowah.forumarabia.com
 
الوسطية لغة واصطلاحا
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الوسطية والاعتدال في الإسلام

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى ابـــــــــــــــــــــن البواح الثقافـــــــــــــــــــــــــي :: المنتدى الاسلامي-
انتقل الى: